تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الأمثل في تفسیر کتاب الله المنزل (طبعة جدیدة) - المجلد ۱    المؤلف: العلامة الفقیه الشیخ ناصر مکارم الشیرازي    الجزء: ۱    الصفحة: ۸۷   


کَذٰلِکَ یَطْبَعُ اللّٰهُ عَلیٰ کُلِّ قَلْبِ مُتَکَبِّرٍ جَبّٰارٍ
(1)
و یقول أیضا: أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلٰهَهُ هَوٰاهُ وَ أَضَلَّهُ اللّٰهُ عَلیٰ عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلیٰ سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلیٰ بَصَرِهِ غِشٰاوَهً (2) .
کل هذه الآیات تقرر أنّ السبب فی سلب قدره التشخیص،و توقف أجهزه الإدراک عن العمل یعود إلی الکفر و التکبر و التجبر و اتباع الهوی و اللجاج و العناد أمام الحق،هذه الحاله التی تصیب الإنسان،هی فی الحقیقه ردّ فعل لأعمال الإنسان نفسه.
من المظاهر الطبیعیه فی الموجود البشری،أن الإنسان لو تعوّد علی انحراف و استأنس به،یتخذ فی المرحله الاولی ماهیه ال«حاله»ثمّ یتحول إلی«عاده» و بعدها یصبح«ملکه»و جزء من تکوین الإنسان حتی یبلغ أحیانا درجه لا یستطیع الإنسان أن یتخلّی عنها أبدا.لکن الإنسان اختار طریق الانحراف هذا عن علم و وعی،و من هنا کان هو المسؤول عن عواقب أعماله،دون أن یکون فی المسأله جبر.تماما مثل شخص فقأ عینیه و سدّ أذنیه عمدا،کی لا یسمع و لا یری.
و لو رأینا أن الآیات تنسب الختم و إسدال الغشاوه إلی اللّه،فذلک لأن اللّه هو الذی منح الانحراف مثل هذه الخاصیه.(تأمّل بدقّه).
عکس هذه الظاهره مشهود أیضا فی قوانین الطبیعه،أی إن الفرد السائر علی طریق الطهر و التقوی و الاستقامه تمتد ید اللّه عز و جل إلیه لتقوّی حاسّه تشخیصه و إدراکه و رؤیته،هذه الحقیقه توضحها الآیه الکریمه. یٰا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللّٰهَ یَجْعَلْ لَکُمْ فُرْقٰاناً (3) .
فی حیاتنا الیومیه صور عدیده لأفراد ارتکبوا عملا محرّما،فتألموا فی البدایه لما فعلوه و اعترفوا بذنبهم،لکنهم استأنسوا تدریجیا بفعلهم،و زالت من



1- 1) -المؤمن،35.
2- 2) -الجاثیه،23.
3- 3) -الأنفال،29.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست