تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الخلاف - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الطوسي    الجزء: ۱    الصفحة: ٣۲   

الجو المادی المکهرب الحاکم آنذاک، أدى الى ان یعیشوا فی مفارقات متناقضة و أجواء وهمیة کاذبة یترنحون ذات الیمین مرة و ذات الشمال اخرى.

و لذا یقول الأستاذ عبد الرحمن بدوی فی تصدیره لکتاب شخصیات قلقة فی الإسلام: «للشیعة أکبر الفضل فی إغناء المضمون الروحی للإسلام، و إشاعة الحیاة الخصبة القویة العنیفة التی وهبت هذا الدین البقاء قویا غنیا قادرا على إشباع النوازع الروحیة للنفوس، حتى أشدها تمردا و قلقا، و لو لا هذا لتحجر فی قوالب جامدة، لیت شعری ما ذا کان سیؤول إلیه أمره فیها.

و من الغریب ان الباحثین لم یوجهوا عنایة کافیة الى هذه الناحیة، ناحیة الدور الروحی فی تشکیل مضمون العقیدة الذی قامت به الشیعة، و العلة فی هذا ان الجانب السیاسی فی الشیعة هو الذی لفت الانظار أکثر من بقیة الجوانب، مع انه لیس الا واحدا منها».

و انا إذ نتساءل أ لم یکن الواقع الحی آنذاک- کما صورناه- یوحی بوقوف الأئمة (صلوات الله و سلامه علیهم أجمعین) و بحزم بوجه الجبابرة و الطغاة المنحرفین عن وجه الصراط السوی، یأمرونهم بالمعروف و ینهونهم عن المنکر و یطالبونهم بالرجوع إلى حضیرة الإسلام و العمل على ضوء تعالیمه العالیة و الابتعاد عن کل أوجه التخلف و الفساد المتفشی فی أوصال الجهاز الحاکم.

أ لم یحکم هؤلاء باسم الإسلام؟ أ و لیس انهم تسنموا منصب الخلافة الا باعتبارهم خلفاء لرسول الله (صلى الله علیه و آله)؟

و لکن ما الحیلة عند ما یمارس الخلیفة الحکم فی ضمن أفق ضیق و نطاق محدود من التفکیر، و سیطرة الآخرین علیه فی مراکز الدولة کالبرامکة و ما شاکلهم من الذین لیسوا هم بأحسن حظا من الخلیفة فی العلم و الثقافة و الزهد و التقوى!؟


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست