تحمیل PDF هویة الکتاب
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: روح المعانی فی تفسیر القرآن العظیم و السبع المثانی - المجلد ا    المؤلف: محمود بن عبدالله آلوسى    الجزء: ۱    الصفحة: ٤٠٠   

على الأنبیاء علیهم السلام، وفائدة هذا الأسلوب مع أن العلم حاصل بثبوت الأمرین الإشارة إلى أن أحدهما کاف فی الذم فکیف إذا اجتمعا کما تقول لمن أخطأ تدبیرا ومقالا: أتدبیرک أم تقریرک، وبهذا یندفع ما قاله أبو حیان من أن الاتصال یستدعی وقوع إحدى الجملتین والسؤال عن تعیین إحداهما ولیس الأمر کذلک إذ وقعتا معا، وإما منقطعة مقدرة ببل والهمزة دالة على الإضراب والانتقال من التوبیخ على المحاجة إلى التوبیخ على الافتراء على الأنبیاء علیهم الصلاة والسلام، وقرأ غیر ابن عامر وحمزة والکسائی وحفص * (أم یقولون) * - بالیاء - ویتعین کون * (أم) * حینئذ منقطعة لما فیها من الاضراب من الخطاب إلى الغیبة ولا یحسن فی المتصلة أن یختلف الخطاب من مخاطب إلى غیره کما یحسن فی المنقطعة ویکون الکلام استئنافا غیر داخل تحت الأمر بل وارد منه تعالى توبیخا لهم وإنکارا علیهم، وحکى أبو جعفر الطبری عن بعض النحاة جواز الاتصال لأنک إذا قلت - أتقوم یا زید أم یقوم عمرو - صح الاتصال، واعترض علیه ابن عطیة بأن المثال غیر جید لأن القائل فیه واحد والمخاطب واحد والقول فی الآیة من اثنین والمخاطب اثنان غیر أن یتجه معادلة * (أم) * للهمزة على الحکم المعنوی کان معنى * (قل أتحاجوننا) * أی یحاجون یا محمد أم یقولون، ولا یخفى أن القول بالانقطاع إن لم یکن متعینا فلا أقل من أنه أولى.
* (قل أنتم أعلم أم الله) * أی لستم أعلم بحال إبراهیم علیه السلام فی باب الدین بل الله تعالى أعلم بذلک وقد أخبر سبحانه بنفی الیهودیة والنصرانیة عنه، واحتج على انتفائهما عنه بقوله: * (وما أنزلت التوراة والإنجیل إلا من بعده) * () وهؤلاء المعطوفون علیه أتباعه فی الدین وفاقا فحالهم حاله فلم تدعون له ولهم. ما نفى الله تعالى؟ فما ذلک إلاجهل غال ولجاج محض * (ومن أظلم) * إنکار لأن یکون أحد أظلم * (ممن کتم شه‌ادة) * ثابتة.
* (عنده) * واصلة * (من الله) * إلیه وهی شهادته تعالى لإبراهیم علیه السلام بالحنیفیة والبراءة عن الیهودیة والنصرانیة حسبما تلى آنفا، وجیء بالوصفین لتعلیل الإنکار وتأکیده فإن ثبوت - الشهادة عنده - وکونها من جانب جناب العلی الأعلى عز شأنه من أقوى الدواعی إلى إقامتها وأشد الزواجر عن کتمانها، وتقدیم الأول مع أنه متأخر فی الوجود لمراعاة طریق الترقی والمعنى لا أحد أظلم من أهل الکتاب - حیث کتموا هذه الشهادة وأثبتوا نقیضها بما ذکر من الافتراء - والجملة تذییل یقرر ما أنکر علیهم من ادعاء الیهودیة والنصرانیة وتعلیق الأظلمیة بمطلق الکتمان للإیماء إلى أن مرتبة من یردها ویشهد بخلافها فی الظلم خارجة عن دائرة البیان، أو لا أحد - أظلم منا لو کتمنا هذه - الشهادة - ولم نقمها فی مقام المحاجة، والجملة حینئذ تذییل مقرر ما أوقع فی قوله تعالى: * (أأنتم أعلم أم الله) * (البقرة: 140) من أنهم شاهدون بما شهد الله تعالى به مصدوقونه بما أعلمهم، وجعلها على هذا من تتمة * (قولوا آمنا) * (البقرة: 136) لأنه فی معنى إظهار الشهادة. وعلى الأول من تتمة * (قل أتحاجوننا) * (البقرة: 139) لأنه فی معنى کتمانها ظاهر التعسف، ولا یخفى أن فی الآیة تعریضا بغایة أظلمیة أهل الکتاب على نحو ما أشیر إلیه، وفی إطلاق الشهادة - مع أن المراد بها ما تقدم من الشهادة المعینة - تعریض بکتمانهم شهادة الله تعالى لنبیه محمد صلى الله علیه وسلم فی التوراة والإنجیل، وفی " ری الظمآن " أن - من - صلة * (أظلم) * والکلام على التقدیم والتأخیر کأنه قیل: ومن أظلم من الله ممن کتم شهادة حصلت عنده کقولک ومن أظلم من زید من جملة الکاتمین للشهادة، والمعنى لو کان إبراهیم وبنوه یهودا أو نصارى ثم إن الله تعالى کتم هذه الشهادة لم یکن أحد ممن یکتم الشهادة أظلم منه لکن لما استحال ذلک مع عدله وتنزیهه عما لا یلیق علمنا أن الأمر لیس کذلک، وقیل: إن (من) صلة (کتم)



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب