الشيخ عبد الرحمن الخيّر


الشيخ عبد الرحمن الخيّر ابن الشيخ محمد ابن الشيخ ديب ابن الشيخ سعيد ابن الشيخ علي الخيّر ابن الشيخ درويش الخيّر، المولود عام 1904م /1322هـ، نشأ في أوساط دينية في بيتٍ معروفٍ بالعلم والأدب، في بلدة القرداحة، تعلم الكُتّاب في قريته ثم في المدرسة الرشادية، ولما أغلقت المدرسة بسبب الوباء الذي انتشر خلال الحرب العالمية الأولى انتقل إلى مدرسة العنازة   قضاء بانياس لينال شهادة أهلية التعليم - القسم الثاني عام 1931م، عندما اندلعت الثورة السورية الكبرى كان الشيخ عبد الرحمن الخير في طليعة المنضمين إليها وأرخها في شعره قائلاً:

هل الشرق إلا مشرق النور والسنا
        وروض البها المعطار والمربع الخصب

هل الشرق إلا جنة كان غرسها
        بها الحور والولدان والكوثر العذب

هل الشرق إلا عزاً ومنعة
        يطل على الدنيا وإدراكه صعب

تراث الكماة اليعربيين لم يزل
        منيعاً فما تنوي على الشرق يا غرب


ولما وضعت الحرب أوزارها تابع الشيخ دراساته الدينية والأدبية على يد العلامة الشيخ سليمان الأحمد في قرية السلّاطة المجاورة للقرداحة.
 

وظائفه الرسمية ومجمل أحواله:

-    في عام 1924م عُيّن الشيخ لأول مرة معلماً في مدرسة قرية الشيخ يونس قضاء صافيتا، عندما ندرس حياة الشيخ عبد الرحمن الخيّر ونراه كيف كان يحمل همَّ أهله ومجتمعه الذي ينتمي إليه ويحاول بكل وسيلة أن يسعى في هذا الاتجاه بمد يده لكل من يحمل همه، لذلك قام في عام 1925م بتأسيس جمعية (اللاطائفية) كجمعية إصلاحية لمكافحة التعصب العشائري ومعالجة حالات الجهل والفقر والحرمان التي خلّفتها عهود العثمانيين.
وفي عام 1927م عمل معلماً في مدرسة الجامع الجديد في اللاذقية، وبعد سنةٍ عُين مديراً لمدرسة القرداحة، ولما كان طريق التوعية والإصلاح الذي اختطه الشيخ الخيّر لنفسه صعباً، ولا يوجد معه استقرارٌ أو هدوء فقد بقي طيلة حياته ينتقل من بلد إلى بلد ومن مدرسةٍ إلى أخرى، فعمل بعد زواجه سنة 1933م في مدرسة باب جنّة قضاء الحفة، ثم انتقل إلى مدرسة التجهيز في اللاذقية، وبقي فيها حتى استقالته من التعليم سنة 1943م، وفي هذه الأثناء قام بتأسيس (المدرسة التهذيبية) في قرية (بْرُمَانِة المشايخ) التي أرّخها الشيخ عبد الكريم محمد سنة 1347هـ في شعره فقال:

(برمّانةٌ) شادت مشائخها على
        تقى خير تهذيبة للمطالع

مؤسسها للخير من (آل خيّر)
        وأرّخ (أجل فالعلم خير الصنائع)
 

ولما توسّع نشاط الشيخ في التعليم والإرشاد ومساهمته في تأسيس الجمعية الإسلامية الجعفرية في اللاذقية عام 1952م ضاق السلطات ذرعاً به، فاعتقلته واضطرته لمغادرة الساحل لينتقل إلى دمشق بعدما صودرت مكتبته وأوراقه وأبحاثه، وفي دمشق سنة 1956م أصبح موظفاً في إدارة حصر التبغ والتنباك حتى سنة 1963م، عند بلوغه السن القانوني خرج من وظيفته الحكومية وتفرّغ للاهتمام  بالإرشاد الديني وتوثيق صلاته بالعلماء والأدباء داخل الوطن وخارجه (مجلة الموسم العدد 11 ص931.).

وصل صيته إلى خارج بلاد الشام بسبب البرنامج الإذاعي الذي كان يبثه من إذاعة دمشق بعنوان (من نداء الإيمان) وذلك بعد إلمامه باللغة العربية ثم التركية والفرنسية وامتداد علاقاته من كيليكيا شمالاً إلى جبال الساحل السوري ثم دمشق إلى جبل عامل جنوباً ثم إلى المغرب العربي غرباً وإلى طهران شرقاً وبلاد اليمن جنوباً لتتوسع بذلك ثقافته وتصبح على مستوى العمل الذي سيقوم به مستقبلاً.

أرّخ ليقظة العلويين في سلسلة مقالات مهمة في مجلة النهضة التي كانت تصدر في مدينة طرطوس بين عامي 1937م-1938م، وفي عام 1996م جمعها ابنه الأستاذ هاني الخيّر في كتابٍ مستقل نشره لأول مرة تحت عنوان (يقظة المسلمين العلويين).
- وفي عام 1952م ومن خلال تعاونه مع الشريف عبد الله الفضل والشيخ حبيب آل إبراهيم وبعض من يهمهم هذا الأمر من أبناء المنطقة الغيارى على الوطن والدين استطاعوا إشهار الجمعية الإسلامية الجعفرية في اللاذقية التي أخذت على عاتقها إيقاظ المجتمع من رقدته الطويلة وشحذ الهمم لصناعة هوية المنطقة من جديد وتبني البعثات التعليمية إلى النجف الأشرف من خلال علاقاته السابقة مع علماء النجف الأشرف ولذلك نرى الأستاذ عبد الوهاب الصافي النجفي يبعث له بقصيدة يقول فيها:

يا أيها (الخيّر) أنت الذي
        مثّل في أعماله الطهرا

لا غرو فالألقاب وحي السما
        قالت بذا آثارنا الغرا

قد طال عهد الهجر ما بيننا
        فهل ترانا نلتقي أخرى

إني لمشتاق إلى ساعةٍ
        ألقاك فيها تعدل العمرا
(معالم الشام وأعلامها ج3 ص218 حتى 220، مجلة الموسم العدد 11 ص936. )
 

- توفي في مدينة دمشق صباح الخميس 18 حزيران عام 1986م الموافق 11 شوال عام 1406هـ ودفن في المقبرة المجاورة لمرقد السيدة زينب (س)

- من آثاره:
1-    تحفة المؤمن في فضل يوم الجمعة وأشهر رجب وشعبان ورمضان: صدر لأول مرة عام 1966م-1386هـ.
2-    التحفة البديعة.
3-    تعريف العلويين: وهو كتاب يتكلم عن المسلمين العلويين ترجم إلى الفارسية وطبع في طهران عام 1958م.
4-    تعليق على فتوى رئيس الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، طبع ضمن كتاب (الرسول يحدثنا)، صدر عام 1980م.
5-    الحق المبين في قضاء أمير المؤمنين: صدر لأول مرة عام 1962م.
6-    رسائل بين أديبين (الخيّر والعِزَب): مخطوط.
7-    ساعات مع الكتب والرجال: مخطوط.
8-    الغلو في الأدب العربي أو الأوراق الممزقة: وهو مجموعة مقالات نشرت في مجلة الأماني في اللاذقية عام 1930م.
9-    كتاب الصلاة والصيام وفق المذهب الجعفري: صدر لأول مرة عام 1963م/ 1383هـ وطبع بعد ذلك عشرات المرات.
10-    من نداء الإيمان: صدرت الطبعة الأولى منه في بيروت عام 1971م.
11-    مناسك الحج على المذاهب الخمسة: صدر عن وزارة الأوقاف في دمشق عام 1400هـ / 1980م.
12-    من تراث الشيخ عبد الرحمن الخير.
13-    من الطلائع: وهو مخطوط يحتوي على تراجم بعض علماء وأدباء الساحل السوري في القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين وقد عمل في جمعه أكثر من خمسين عاماً ترجم فيها لمائة شخصية ذكر نماذج من آدابهم وأشعارهم تتفاوت في حجمها.
14-    موقف الإسلام من الإجهاض والتعقيم.
15-    نقد وتقريظ كتاب (تاريخ العلويين) لمؤلفه محمد أمين غالب الطويل، صدر عام 1966م.