۲٠۲۲/۱٠/۲۵ ۱۲:۱۵:٤٤
خطبة الجمعة ٢٤ ربيع الأول لسماحة الشيخ نبيل حلباوي


 بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ الدكتور نبيل الحلباوي (زيد عزه)، في مصلى السيدة زينب (عليها السلام) بتاريخ 24 ربيع الأول 1444ه.
الخطبة الأولى
 كلنا يعلم أن الربيعين هما فرصة مفتوحة للاحتفاء والاحتفال بسيد الكونين وإمام الثقلين وأعظم مخلوق على وجه هذه الأرض وأكرم الكائنات وسيد النبيين وخاتمهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
بادئ ذي بدء أقول أن الكلام عن رسول الله لا ينتهي ما بقي الدهر، ولو تكلم كل المتكلمين والخطباء والمبدعين فإنهم لا يستقصون جانباً واحداً من جوانب عظمة الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومهما بلغنا من المعرفة والعلم لا نعرف رسول الله حق معرفته، بل القضية كما قال: "يا علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا الله وأنت، وما عرفك الا الله وأنا" (مختصر بصائر الدرجات، ص125)، فإذاً أن نستقصي عظمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهذا فوق طاقتنا مهما أوتينا من البلاغة والعلم والفهم والمعرفة، لكننا نقبس شيئاً من نور رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونمتحُ بعضاً من معينه الثرّ الغني الخصب الدفاق.
ومن هنا نقول النقطة الأولى: إن الله عز وجل أوجدنا وخلقنا وأبدعنا وجعل هذا الكون تحفة من التحف التي لا نظير لها، ولكنه في عالم التكوين جعل خلاصة الكون وذروة ذرى الكون محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) وكما أنه جعل ذروة عالم التدوين - كما قلنا مرات وكرات - القرآن الكريم، فلا يليق القرآن إلا بمحمد ولا يليق محمدٌ إلا بالقرآن الكريم، لكن مِنَنَ الله كانت من خلال الأنبياء الذين أرسلهم الله عز وجل حيث يقول (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ( (سورة الحج، 75)، هؤلاء من المصطفين، ويقول سبحانه (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ( (سورة ص، 47)، هم خيرة الخيرة وصفوة الصفوة وكمال الكمال وجمال الجمال في عالم البشر.
لماذا أرسل الله هؤلاء الأنبياء إلينا ومن بهم علينا وأنعم بهم على هذه البشرية؟ نعم لقد متعنا الله بالفطرة، التي يقول عنها ربها (فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم( (سورة الروم، 30). 
الدين روحه الفطرة، والفطرة تعني بصمة الله عز وجل في وجود كل واحد منا، وهذه الفطرة مؤمنة لأن الأصل في الإنسان الإيمان وليس العكس، فالتوحيد فطرة والشرك هو الشذوذ والاستثناء والخروج على القاعدة، ثم الفطرة مسلمة والرسول (صلى الله عليه وآله) يقول: "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه" (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج4، ص114) ففهمنا أن الإسلام هو الفطرة، فكل إنسان من حيث فطرته هو مؤمن بالله وموحد لله عز وجل ومسلم.
إذاً طالما أن الإنسان متمتع بهذه الفطرة، وطالما أن الله قد أنعم على الإنسان بهذا العقل، والعقل كما يعرفه الإمام الصادق (عليه السلام): "مَا عُبِدَ بِهِ الرَّحْمَنُ وَاكْتُسِبَ بِهِ الْجِنَانُ " (الكافي، ج1، ص11) يعني لا عقل لمن لا يعبد الله عز وجل، فكل إنسان لو أصغى إلى نداء فطرته فإنها ستقول له: الإيمان، التوحيد، الإسلام، وكل إنسان لو استمع إلى برهان عقله لقال له: آمن بالله عز وجل. 
أي عقل لإنسان ينتهي إلى سخط الله وغضب الله ويلقى به في جهنم وبئس المصير؟ هل يقال لهذا عاقل؟ فالعقل بما ينبغي أن يؤدي إليه وينتجه ويؤثره يجب أن ينتهي بالإنسان إلى أن يعبد ربه وأن يظفر برضا الله عز وجل. 
والله سبحانه كرماً وتفضلاً ومنةً وعطاءً منه لم يكتفِ بدليل الفطرة وبرهان العقل، وإنما أضاف إليهما أنه اصطفى وانتقى واختار من كل خلقه أفضل الخلق وأكملهم وأجملهم ألا وهم الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) فأرسلهم إلى الناس (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ( (سورة النساء، 165) فلا يقول إنسان: كان على فطرتي غشاء، وران على عقلي من الوهن والضعف. لا؛ الله أرسل إليك أنبياء مذكرين مبشرين منذرين هم أفضل خلق الله، صنعهم على عينه، قلّبهم في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة وأرسلهم إلى الناس لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وأخذ الله على نفسه أنه ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا(  لن نعذب من لم يأته رسول ينذره ويبشره ويذكره وينبهه، هذا كله لطف من الله وكرم.
لكن منة المنة ونعمة النعمة في الأنبياء جميعاً كانت بخاتمهم وذروتهم وسيدهم وقائدهم محمد  (صلى الله عليه وآله وسلم)  لذلك نجدها في القرآن الكريم صريحة واضحة ( لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍ ( (سورة آل عمران، 164) هي نعمة لا نظير لها ونعمة لا يريد الله لها مقابلاً، وقالوا أن المن أن تذكر صنيعك، والأذى أن تستخدمه ، يعني أنت قدمت لأحدهم شيئاً وكلما التقيت به قلتَ له: ألم أعطك كذا؟ ألم أقدم لك كذا؟ والأذى أن تطالب ذلك الإنسان أن يخدمك وأن يقضي لك في المقابل بعض حاجاتك، فيجب أن يكون العطاء خالصاً لا يتبعه الإنسان مناً ولا أذى. 
ولكن المنة إذا جاءت من الله فمعناها أنها نعمة لا يراد من ورائها شيء، ولا يطلب في مقابلها شيء وهي عطاء محض وعطاء عظيم كريم، فلذلك قال: "لقد مَنَّ الله على المؤمنين". 
ونجد شيئا عظيماً في القرآن الكريم وهو أن إبراهيم عليه السلام حين يدعو ربه يقول: (ربَّنا وَابعَثْ فِيهمْ رسولاً مِنهمْ يَتلو عليهمْ آياتِكَ ويعلمهم الكتابَ والحكمةَ ويزكّيهِمْ إنكَ أنتَ العَزيزُ الحكيم( (سورة البقرة، 129)، إذاً كما يقول رسول الله: "أنا دعاء أبي إبراهيم" (أمالي الطوسي، ص379)، فقد دعا أبو الأنبياء إبراهيم اللهَ أن يبعث في المؤمنين نبياً منهم، وكان يتشوق ويتطلع إلى مجيء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعلنها صريحة واضحة (إِذْ قَالَ لَهُ رَبهُ أَسلِمْ قالَ أَسلَمتُ لِرَبِّ العالمين( (سورة البقرة، 131)، فإذاً ملة ابراهيم هي الإسلام، هي الحنيفية الصافية النقية التوحيدية التي لم تشُبها شائبة ولم يقع فيها تحريف.
بعد ذلك نجد أن ابراهيم ويعقوب يوصيان برسول الله وبالإسلام: ( وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ( (سورة البقرة، 132)، فإن قيل: لماذا يعقوب؟ إذ يوجد بعد إبراهيم إسحاق وإسماعيل فلماذا ذكر يعقوب؟ ذكرهُ كان حجةً على بني إسرائيل، اليهود الذين سيكون منهم كلام كثير حول إبراهيم عليه السلام وادعائهم أنه يهودي وادعاء غيرهم أنه نصراني، والله يقول (ما كان إبراهيمُ يهوديّاً ولا نصرانيّاً( فإذاً أنبياء الله كلهم مسلمون قولا واحداً. 
بعد ذلك نجد أيضاً موقفاً يوضح دور يعقوب (عليه السلام) بالذات، هو حجة على اليهود بالذات وعلى كل من جاء بعده (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ( (سورة البقرة، 133).
إذاً الإسلام هو دين التوحيد الخالص الذي لم تشُبهُ شائبة، وهو الذي بشر به إبراهيم (عليه السلام) ودأب على ذلك ابناه إسماعيل وإسحاق ثم حفيده يعقوب الذي يلقب بإسرائيل في القرآن الكريم، وهنا يرد القرآن على اليهود والنصارى (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُوا ۗ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ( (سورة البقرة، 135) لأنها لم تشبها شائبة ولم يطرأ عليها أي طارئ ولم يحرف فيها شيء، قال "ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين" ودعانا معشر المسلمين إلى أن نقولها بحب وانفتاح وجمع لصفوف المؤمنين، جميعاً من كل الملل والنحل والشرائع: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا - نحن معشر المسلمين نقول هذا - وما أنزل إلى إبراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. 
هذا هو المنهج الذي ندعو إليه - معشر المسلمين - كل أتباع الشرائع المختلفة، تعالوا إلى هذا المنهج لنلتقي عليه، ومن هنا فإن هذا المنهج لا بد أن يكون هو الخاتم وأن تختم مسيرة الأنبياء العظام بسيدهم وقائدهم وإمامهم رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقولون عيسى؟ نعم؛ ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ ٱلتَّوْرَىٰةِ وَمُبَشِّرًۢا بِرَسُولٍۢ يَأْتِى مِنۢ بَعْدِى ٱسْمُهُۥٓ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَآءَهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ قَالُواْ هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ( (سورة الصف، 6) فوضح القرآن أن عيسى (عليه السلام) كان صلة الوصل بين موسى (عليه السلام) وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله) فصحح ووضح وبيّنَ وحسم بعض النقاط التي كان فيها إشكالات في اليهودية، ولكنه وجه الناس إلى رسول الله، ويبقى التوقع والانتظار والشوق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد أخذ على كل أتباع الشرائع أن يتبعوه. 
لاحظوا هذه الآية الصريحة الواضحة: ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( (سورة الأعراف، 157)، إذاً هذا هو المنهج المفتوح لكل الناس.
الخطبة الثانية:
يقول الله عز من قائل (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا( (سورة الأحزاب، 40) هذه الخاتمية أنه لا نبي بعده، ويقول (صلى الله عليه وآله): "يا علي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي من بعدي؟" (صحيح الترمذي، ج 5، ص641)، فإذاً ختم الأنبياء بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وختمت الشرائع بهذه الشريعة الحنيفية السمحاء، فلا شريعة بعدها ولا نبي بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن من يتأمل ويدقق ويحقق في قضية الخاتمية يدرك أنه لا يمكن أن تختم الشرائع وتختم النبوة ثم يترك الناس سدى؛ لأن رسول الله بلغ وأوصل، وقام بما لم يقم به إنسان على ظهر هذه الأرض ولا نبي من الأنبياء، لكن المسألة تحتاج أن تربى الأمة على هذا المنهج صافياً نقياً بدون أية شائبة، وبالتالي كان لا بد في فلسفة الخاتمية أن يكون هناك بعد الأنبياء إمامة، والقرآن الكريم يشير إلى أهل البيت (عليهم السلام) وينوه ورسول الله بلغ ما أنزل إليه من ربه. 
والنقطة الأخيرة التي أريد أن أشير اليوم أن هناك دعوة خبيثة ظهرت في منطقتنا يحمل لواءها الصهاينة ومعهم المطبعون المنبطحون الذين لا عقل لهم ولا دين ولا أخلاق ولا مروءة، يسمونها "الإبراهيمية" وقصدهم منها أنه: تعالوا أيها اليهود أيها المسيحيون أيها المسلمون كلنا ننتمي إلى إبراهيم، فإذاً تحت مظلة إبراهيم ينسى كل واحد منا خصوصيته ونكون معاً. 
بالطبع هذه لعبة خبيثة يقصد منها أن يكون الزمام في النهاية بيد اليهود، هي لعبة يهودية خبيثة، قالوا تعالوا كلنا نلتقي تحت مظلة إبراهيم، ولكن من الذي يمسك الزمام والقياد ويوجه الأمور ويلغي كل ما كان من حقوق ويتجاوز القضايا الأساسية والمحورية والوجودية للعرب وللمسلمين؟ إنّ اللعبة إنما هي لعبة يهودية بخبث ولؤم ومكر ومن المؤسف أن كثيرين ممن يدعون أو يظهرون أنهم مسلمون هم في الواقع تبعٌ سيءٌ ورديءٌ لهؤلاء. 
إن القرآن من قبل ألف وخمسمئة سنة يحذر ويقول ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ( (سورة آل عمران، 68) في زمان ابراهيم هؤلاء أولى بإبراهيم، أولى ممن؟ من اليهود والنصارى خاصة الذين يأتون بهذه الدعوة الخبيثة الملغومة المبطنة بكل ألوان السوء، ومن خلالها استطاعوا أن يخترقوا كل الأسوار وكل الحدود وأن يدخلوا إلى كل مكان وأن يقيموا احتفالات، وأن تضيء نجمة داوود في بعض مدننا العربية وفي أعظم برج من الأبراج، ويقيموا حفلات ولقاءات، ويرسل بعضهم سفراء يقبلون يد أحد الحاخامات التي تقطر من دماء المسلمين ويأخذ بركته ليمارس مهمته في السفارة في الأرض المحتلة. 
إذاً أيُّ دعوة إلى "الإبراهيمية" لا يكون زمامها بيد المسلمين وعلى رأسها المسلمون هي لعبة خبيثة، لماذا؟ نحن لا نقولها تعصباً، بل لأن المسلم يؤمن بكل أنبياء الله، ومن أركان الإيمان عندنا ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ( (سورة البقرة، 285) فنحن أجدر وأولى إذا كان يراد لم الشمل، وأن يكون المؤمنون - وبدون أي أغراض خبيثة وسيئة وصهيونية ويهودية - صفاً واحداً في وجه هذا التيار الإلحادي الشاذ الخارج على القيم. 
فيجب أن نلتفت إلى هذه المسألة، وهي دعوة كما قلت مبطنة وخبيثة والآن يروجون لها وتعقد لها الندوات وتكتب فيها الكتب وتصدح بها وسائل الإعلام، وتسرب إلى وسائل الاتصال الجمعي وغيرها. يجب أن نكون على حذر وفهم والتفات إلى ما يراد لهذه الأمة. 
وفي الواقع لا عصمة لنا من كل ذلك إلا بأن نؤكد على محور المقاومة؛ فهذا العدو الصهيوني لا مكان له على الأرض وسنخرجه شاء أم لم يشأ، بإذن الله وقدرة الله وتوفيق الله عز وجل، ونحن قادرون بإذن الله، فالله وعدنا (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( (سورة الحج، 40)، (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ( (سورة الروم، 47) (كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِىٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ(  (سورة المجادلة، 21).
فنحن متمسكون بهذا المحور من إيران الإسلام  إلى عراق الحشد الشعبي إلى سورية الممانعة الرافضة، التي استقبلت أمسِ كل فئات الفصائل الفلسطينية وضمتهم في حضنها وأيدتهم وعزرتهم وآزرتهم، والتي صمدت في مقابل حرب كونية عليها تريد تمزيقها وإخراجها من المحور، وأبطالنا في حزب الله في لبنان وأبطالنا الحوثيين العظام الرائعين في اليمن، الذين أقاموا احتفالاً لرسول الله في كل المدن اليمنية لا نظير له في كل عالم الإسلام والمسلمين، على الرغم من الحرب التي تشن عليهم بلؤم وظلم وتدمير وتخريب وحصار، وهكذا كل  الذين هم في هذا الحلف، لا سيما الفلسطينيون؛ هذا الشعب البطل المجاهد الرافض الذي يتحفنا كل يوم بشهيد من الشهداء، والذي فتق عليهم مقاومة جديدة بأسلوب جديد في الضفة الغربية فضلاً عن كل حركات المقاومة في غزة وفي غيرها.  
المستقبل لنا أيها المؤمنون، ونحن مقبلون بإذن الله على نصر كبير، وسنجد الطريق واسعاً لاحقاً إلى القدس الشريف لنستعيده ونستعيد مسجدنا الأقصى، ونستعيد فلسطين من البحر إلى النهر.