۲٠۲۲/۱۱/۱٤ ۱٠:٣٤:٠۱
خطبة صلاة الجمعة 16 ربيع الآخر 1444هـ لحجة الإسلام والمسلمين سماحة الشيخ حميد صفار الهرندي


                                           بسم اللّه الرحمن الرحيم

 

خطبة الجمعة لسماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ حميد الصفار الهرندي (زيد عزه) ممثل الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) في سورية، بتاريخ 16 ربيع الآخر 1444ه.

في حديثنا عن نمط الحياة وفقاً للرؤية الإسلامية تحدثنا عن وجوب الإحسان إلى الآخرين، ومنهم علماء الدين العاملين، وفي هذه الخطبة نذكر سمات العلماء المبجلين في كتاب الله وفي روايات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وروايات أهل بيته المعصومين (عليهم الصلاة والسلام).

من هذه السمات خشية الله، فيقول الله تعالى Pكَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ O (سورة فاطر، 28)، فالعلم الحقيقي يدفع الإنسان إلى خشية الله تعالى، لأن العالم إذا كثر علمه وتعمّقَ عرفَ الله تعالى وعظمته وكبرياءه فسبّبَ ذلك خشيته، والخشية خوفٌ مع التواضع والتكريم والخنوع والخشوع، وقد تستعمل الخشية بمعنى الخوف أيضاً، إلا أن الخوف من الله تعالى إذا كان فيه شيء من المعرفة والخضوع لله تعالى يسمى خشية، وعلى العالم أن يكون هكذا، كما يقول الصادق (عليه السلام): "اَلْخَشْيَةُ مِيرَاثُ اَلْعِلْمِ وَمِيزَانُهُ وَاَلْعِلْمُ شُعَاعُ اَلْمَعْرِفَةِ وَقَلْبُ اَلْإِيمَانِ، وَمَنْ حُرِمَ اَلْخَشْيَةَ لاَ يَكُونُ عَالِماً وَإِنْ شَقَّ اَلشَّعْرَ بِمُتَشَابِهَاتِ اَلْعِلْمِ" (مصباح الشريعة، ج1، ص20)، فإذا كان العلم غير متبوع بالخشية فهذا ليس علماً نافعاً، ولو كان صاحبه مدققاً في كثير من المواضيع العلمية، وكم من العلماء الذين ليس لهم مصير إلا النار، كما في الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال في كلام له: "... وإنَّ أهلَ النارِ ليتأذُّون بِرِيح ِالعالِمِ التارِكِ لِعِلمِهِ" (الكافي، ج2، ص335)، لقد كان هذا يعلم ومع ذلك لم يعمل بما كان يعلم، كان يرى مصالحه المادية في الجاه والمقام والمال والدنيا ومتاع الدنيا، لذلك لا ينفعه علمه بل يضره، ولله تعالى الحجة يوم القيامة على مثل هذا العالم بأنك كنت تعرف ومع ذلك لم تعمل.

والتاريخ مليء بهذه النماذج، فشخص مثل شريح القاضي لم يكن إنساناً عادياً بل كان عالماً خبيراً ومع ذلك رجح الدنيا على الآخرة وأفتى بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكم له من نظير!

هؤلاء الذين يركعون للاستكبار لأجل دنياهم في أوساطنا ومن جماعتنا من أتباع أهل البيت من علماء الشيعة، أو من الإخوة من أبناء السنة، فترى أحدهم قد خضع للأعداء ويفتي بالتطبيع مع الصهاينة فيخالف علمه ولا يخشى الله تعالى فلو كان يخشاه ما كان يمد يده بالعون للأعداء، وهذه ثمرة عدم الخشية.

وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "نِعمَ الحاجزُ عن المعاصي الخوف" (غرر الحكم، 1987)، هذه الخشية من الله تردعه وتعصمه من أن يتورط في المعاصي.

إذاً من سمات العلماء خشية الله، فإذا أردتَ أن تعرف هذا العالم هل هو عالم حقيقة يجب إكرامه ويجب أن تجلس أمامه بخضوع وتتعلم الدين وتتزود لآخرتك عنده؟ فأول شيء انظر هل عنده خوف وخشية من الله تعالى أم لا؟ فالعالم لا يخاف إلا الله في تبليغ رسالات الله، بمعنى أنه لو رأى أن هذه رسالة من الرسالات الإلهية فلا يخاف أي أحد، وقد قال الإمام الخميني (رضوان الله عليه) والله لم أخفْ أحداً في حياتي إلا الله تعالى، وهكذا ظهر علماؤنا، وقد استشهد عدد غفير منهم لأنهم كانوا يخشون الله ولا يخشون عباد الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والله تعالى يقول Pالَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًاO (سورة الأحزاب، 39).

وهناك صفة أخرى للعلماء الحقيقيين الذين يجب إكرامهم، فنسلم أمورنا إليهم وهم يقودوننا إلى الجنة إن شاء الله تعالى، وهي صفة التواضع والتسليم لكلام الله الحق يقول الله تعالى P وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم أَنَّهُ الحق مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُواْ بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ O(سورة الحج، 54)، هذا الإيمان لا يمكن أن يتوقف على لسان الإنسان، ففي هذه المرحلة كلنا مؤمنون نقول آمنا بالله وبرسوله، ولكن إذا حان وقت العمل ومُحِّصوا بالبلاء قل الديانون كما يقول الإمام أبو عبد الله الحسين سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام)، فينبغي للإيمان أن يؤدي إلى الإخبات والتواضع وخشوع القلب حيال تعليمات القرآن.

وهناك صفة أخرى للعالم المؤهل لأن نخضع عنده ونكرمه ونجعله قائداً لنا، وهي البكاء خوفاً من الله تعالى، حيث يقول الله تعالى Pقُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‌ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداًQ  ويَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً Q ويَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً﴾ (سورة الإسراء، 107- 109)، هذه صفة العلماء الحقيقيين في جميع الأعصار والشرائع والأمم، وهذا هو شأن العالم الذي نقتدي به.

رضوان الله على علمائنا السلف منهم ومن خلف عنهم، هؤلاء العلماء الذين نقتدي بسيرتهم، وقد رأينا بأم أعيننا سيرة الإمام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) - وهذه سيرة جميع مراجعنا العظام - أنهم في الليل عندما تنام العيون يستيقظون ويناجون ربهم، وقد كان الإمام رضوان الله عليه منهكاً بمرضه في المستشفى ولم يترك صلاة الليل ولم يترك البكاء خشية من الله تعالى، هذا هو شأن العالم الذي نتحدث عنه وكلفنا أهل البيت أن نكرمه ونستفيد منه ونجعله قدوة لنا.

هناك حديث من وصايا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذر الغفاري (رضي الله تعالى عنه) يقول:" َيا أَبَا ذَرٍّ مَنْ أُوتِيَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَا يُبْكِيهِ لَحَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ أُوتِيَ عِلْماً لَا يَنْفَعُهُ إِنَّ اللَّهَ نَعَتَ الْعُلَمَاءَ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَ‏ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً " (مكارم الأخلاق، ص462).

إذا لم يجعل هذا العلمُ العالِمَ من الذين يخشون الله تعالى فلا يكون علماً نافعاً، كما نسأل الله في عقيب صلواتنا أن يعطينا علماً نافعاً، إذ ليس علماً نافعاً أن يدرس أحدنا عشرين أو ثلاثين أو أربعين سنة ولا تورثه هذه الدروس خشية من الله تعالى، فتذهب سنواته تلك هباء منثوراً.

وفي حديث مرفوع إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: " وَصَاحِبُ اَلْفِقْهِ وَاَلْعَقْلِ ذُو كَآبَةٍ وَحَزَنٍ وَسَهَرٍ، قَدْ تَحَنَّكَ فِي بُرْنُسِهِ وَ قَامَ اَللَّيْلَ فِي حِنْدِسِهِ يَعْمَلُ وَ يَخْشَى وَجِلاً دَاعِياً مُشْفِقاً مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ عَارِفاً بِأَهْلِ زَمَانِهِ مُسْتَوْحِشاً مِنْ أَوْثَقِ إِخْوَانِهِ فَشَدَّ اَللَّهُ مِنْ هَذَا أَرْكَانَهُ وَ أَعْطَاهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَمَانَهُ" (الكافي، ج1، ص49)،  والكآبة بمعنى الانكسار من الغم والحزن، فيجب أن يكون العالم هكذا؛ يسهر قسماً من الليل يتشبه برسول الله الذي كان يقوم من كثيراً من الليل، والعالم الذي يلبس زي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يقدر أن يكون مثل النبي - حاشى وكلا - ولكن على الأقل يجب أن يتشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويتشبه بأمير المؤمنين (عليه السلام) الذي قال: "أَلاَ وَإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاِجْتِهَادٍ، وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ" (نهج البلاغة، الرسالة 45). 

وحديث آخر عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه الصلاة والسلام) قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: " يَا طَالِبَ الْعِلْمِ، إِنَّ لِلْعَالِمِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ الْعِلْمَ وَالْحِلْمَ وَالصَّمْتَ، وَلِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاثَ عَلَامَاتٍ يُنَازِعُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْمَعْصِيَةِ وَيَظْلِمُ مَنْ دُونَهُ بِالْغَلَبَةِ وَيُظَاهِرُ الظَّلَمَةَ" (الكافي، ج1، ص37).

والصمت المطلوب هو عن فضول الكلام وليس الصمت عن قول الحق، كما يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): " كُنْ صَمُوتاً مِنْ غيرِ عَيٍّ" (غرر الحكم، 7177).

وتصف الرواية المتكلف بأنه إذا نازع أحداً أقوى منه نازَعَهُ في المعصية لا في أن يكون متقدماً عليه في طاعة الله، ويريد أن يغلب من دونه، ويعين الظلمة.

وربما كانت العمامة من الملابس التي يرتديها أعداء النبي في عصره، وربما كان أبو جهل يلبس العمامة نفسها، قطعة قماش ليس شيئاً أكثر، ولكن الذي يلبس هذه العمامة يريد بها أن يخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في تبليغ رسالات الله تعالى فعليه أولاً أن يلتزم بما كان يلتزم به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؛ أن يراقب نفسه وأن يعرف أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهذا أمر مهم وهذا ما أنصح به نفسي وعندما أذكره أخاف على نفسي، أنني لبستُ زي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلو ظهر منا - لا سمح الله - ما يخالف هذا النبي الأعظم فهذا ذنب عظيم، فعلينا أن نراقب أنفسنا.

ومن جانب آخر يجب أن نتصفح التاريخ، لنرى ماذا وكيف عمل العلماء المخلصون عبر التاريخ؟ خصوصاً في فترة بداية الغيبة الكبرى للإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، لنجد أننا بسهولة نحصل على أنه "قال فلان عن فلان عن فلان أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام قال هكذا" علينا أن نعلم كم من العيون انطفأت لأنها جهدت لتحافظ على هذه الكلمات، على تراث أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، كالكليني والطوسي والمفيد والشريف المرتضى والسيد الرضي وغيرهم من العلماء المحدثين والفقهاء الذين بذلوا أنفسهم في سبيل حفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام).

لقد دفع هؤلاء العلماء ثمناً وما كانوا يحسبون هذا الثمن ثمناً باهظاً بل يرونه تكليفاً على عاتقهم، وعلى كل عالم دين أن يفكر هكذا، بأن عليه أن يحمل هذه الرسالة. لقد حمل العلماء العبء بأمانة حتى أن بعضهم أريقت دماؤهم دونَ هذا الدَّين وهذه الشريعة المقدسة شريعة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

لعل بعضكم رأى في وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة بشعة من بعض الجهال - بل من بعض المعاندين - الذين عملوا عملاً قبيحاً بحق علماء الدين في إيران، فأقول لكم أولاً إن الذين قاموا بهذا العمل لا يتجاوز عددهم أصابع يد واحدة ولكن هذا أيضاً كثير في حقِّ من لم يفعل شيئاً إلا خدمة مجتمعه. إن هؤلاء المعتدين قد ألهمهم الاستكبار، وهذه اليد الخبيثة واضحة، لأن المستكبرين تلقوا صفعات من العلماء عندما كانوا يريدون أن يتدخلوا في شؤون البلاد، وحتى العلماء من أهل السنة أيضاً متقدمون في الدفاع عن وطنهم وعن دينهم.

وفي المقابل فإن آخرين كثيرين من الناس الملتزمين قاموا بتقبيل هذه العمامة، التي هي عمامة رسول الله، إذ ليست لهذه العمامة خصوصية دون هذا، وإنما هي قطعة قماش إذا لبسها رجل غير صالح تصبح غطاءً لرأسه فحسب، ولكن إذا كان تحت هذه العمامة مؤمن صالح يريد الخدمة للمؤمنين - بل أقول يريد الخدمة لبني البشر - فيجب أن نقبل هذه العمائم التي أنقذت الشعوب.

لقد قدمت بلاد الشام منذ الأيام البعيدة شهداء علماء مثل الشهيد الأول والشهيد الثاني، وآخرين من الذين نعرف أنهم لم يتوانوا عن الجهاد في سبيل الله، ونعرف عنهم سيرة ناصعة نيرة في الكفاح ضد المستكبرين، فلا ننسى قيادة علمائنا في التصدي للاستعمار البريطاني في العراق قبل أكثر من قرن، وكذلك مواجهتهم لصفقات مخزية استعمارية مثل اتفاقية احتكار تجارة التبغ في إيران.

كما تصدى للمستكبرين علماؤنا الكبار، كالإمام الخميني والشهيد السيد محمد باقر الصدر والشهيد سيد محمد صادق الصدر والشهيد سيد محمد باقر الحكيم وآل الحكيم الشهداء وكثير من علمائنا في العراق وفي إيران.

وتعرفون أن بين شهداء الدفاع المقدس في سورية أكثر من ثمانية وثلاثين شهيداً من العلماء، هؤلاء فضلوا أن يدافعوا عن وطنهم وعن قيمهم وعن حرم أهل البيت على حساب راحتهم، ولم يفضلوا الراحة على تكليفهم، وقدموا أغلى شيء وهو أنفسهم فداء للإسلام.

كما أن كثيراً من علمائكم - من الوجوه التي أعرفها - بقوا في الحصار مع أهلهم ولم يتنازلوا عن حق ذويهم، كما حصل في الحصار في الفوعة وكفريا ونبل والزهراء وما إلى ذلك من المناطق في سورية، وأعرف دور العلماء في هذه الأزمة التي مرت على الشعب السوري.

وفي إيران شهداءٌ من العلماء في الدفاع المقدس ضد صدام الطاغية بلغ عددهم أكثر من ثلاثة آلاف وستمئة عالم دين استشهدوا في جبهات القتال، وهذه نسبة كبيرة جداً مقارنة ببقية شرائح المجتمع، وهذا يعني أن عالم الدين لا يبقى متفرجاً في هذه الأزمات بل يتجرأ ويقتحم ساحات الوغى.

ونتذكر قبل انتصار الثورة الاسلامية في إيران كان علماؤنا عندما يخطبون يقولون: هذه العمامة هي أكفاننا، هذه العمائم تقضي أن تراق دماؤنا في سبيل الإسلام، وهكذا أنا أعبر عن هذه العمائم أنها أكفاننا ويجب أن نكون هكذا؛ أول من يقدم شيئاً في طريق الإسلام ويحافظ على كيان الإسلام هو عالم الدين، كما أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان هكذا، وقد وصفه أمير المؤمنين عليه السلام يقول: " كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ"، لأنه كان في الأمام يعطيهم الجرأة والقوة والشجاعة، وهكذا يكون شأن عالم الدين وهكذا أثبت العلماء الملتزمون الرساليون، وهناك شهداء استشهدوا في محراب عبادتهم مثل الشهيد القاضي الطباطبائي  والشهيد المدني التبريزي والشهيد دستغيب والشهيد أشرف اصفهاني والشهيد الصدوقي والشهيد  المطهري وما إلى ذلك من الشهداء.

فعلينا إذاً أن نقدر هؤلاء العلماء المخلصين، وعلى العلماء أيضاً أن يقدروا قيمة المؤمنين الملتزمين الذين يلتفون حولهم يصغون إلى ما يقولون ويأتمرون بما يأمرون وينتهون عما ينهون، فهذا أمر واجب متبادل بيننا وبين المؤمنين.