تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ٣   

فأدلّة الطریق هم العلماء الّذین هم ورثة الأنبیاء و قد شغر عنهم الزمان[1]و لم یبق إلّا المترسّمون، و قد استحوذ على أکثرهم الشیطان، و استغواهم الطغیان، فأصبح کلّ واحد منهم بعاجل حظّه مشغوفا، فصار یرى المعروف منکرا و المنکر معروفا، حتّى ظلّ علم الدّین مندرسا، و منار الهدى فی أقطار الأرض منطمسا، و لقد خیّلوا إلى الخلق أن لا علم إلّا [علم‌] فتوى حکومة تستعین بها القضاة على فصل الخصام عند تهارش الطغام [2]أو جدل یتذرّع به طالب المباهاة إلى الغلبة و الإفحام[3]، أو سجع مزخرف یتوسّل به الواعظ إلى استدراج العوامّ، إذ لم یروا ما سوى هذه الثلاثة مصیدة للعوامّ و مجلبة للحرام، و شبکة للحطام.

فأمّا علم طریق الآخرة و ما درج علیه السلف الصالح ممّا سمّاه اللّه سبحانه فی کتابه فقها، و حکمة، و علما، و ضیاء، و نورا، و هدایة، و رشدا فقد أصبح من بین الخلق مطویّا، و صار نسیا منسیّا».

قال[4]: «و لمّا کان هذا ثلما فی الدّین ملمّا، و خطبا مدلهمّا[5]رأیت الاشتغال بتحریر هذا الکتاب مهمّا، إحیاء لعلوم الدّین، و کشفا عن مناهج الأئمّة المتقدّمین، و إیضاحا لما هی [6]العلوم النافعة عند النبیّین، و السلف الصالحین».

(1) أقول: و لهذا السبب بعینه مع ما ذکرت من الأمور اشتغلت بتهذیب کتابه و إحیاء إحیائه، إحیاء لعلوم الدّین بحیاة أخرى، و کشفا عن مناهج أئمّة الدّین بهدایة أرفع و أعلى، و سمّیته بالمحجّة البیضاء فی تهذیب الإحیاء و إن شئت قلت: فی إحیاء الإحیاء و تقرّبت بذلک إلى اللّه سبحانه، نفع اللّه به السالکین و جعله لی ذخرا لیوم الدّین‌


[1] شغر البلد أی خلا من الناس (الصحاح).

[2] التهارش: التواثب، فی القاموس «تهارشت الکلاب بعضها بعضا تواثبت».

و الطغام: أوغاد الناس و سفلتهم.

[3] «یتذرع» من الذریعة و فی بعض النسخ بالدال و تدرع و أدرع: لبس الدرع.

و أفحمه: أسکته بالحجة فی خصومة.

[4] یعنی قال صاحب الإحیاء.

[5] أی مظلما.

[6] کذا و فی أکثر نسخ الإحیاء و شرح الزبیدی أیضا [لمناهى‌].


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست