تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: مجمع البيان في تفسير القرآن - المجلد ۱    المؤلف: الشيخ الطبرسي    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٠۲   

(1) - حصول الفعل و لهذا لا یقال فیمن أعان غیره وفقه لأنه لا یقدر أن یجمع بین جمیع الأسباب التی یحتاج إلیها فی حصول الفعل و أما تکرار قوله «إِیََّاکَ» فلأنه لو اقتصر على واحد ربما توهم متوهم أنه لا یتقرب إلى الله تعالى إلا بالجمع بینهما و لا یمکنه أن یفصل بینهما و هو إذا تفکر فی عظمة الله تعالى کان عبادة و إن لم یستعن به‌و قیل أنه جمع بینهما للتأکید کما یقال الدار بین زید و بین عمرو و لو اقتصر على واحد فقیل بین زید و عمرو کان جائزا قال عدی بن زید :

و جاعل الشمس مصرا لا خفاء به # بین النهار و بین اللیل قد فصلا

و قال أعشى همدان :

بین الأشج و بین قیس باذخ # بخ بخ لوالده و للمولود

و هذا القول فیه نظر لأن التکریر إنما یکون تأکیدا إذا لم یکن محمولا على فعل ثان و «إِیََّاکَ» الثانی فی الآیة محمول على «نَسْتَعِینُ» و مفعول له فکیف یکون تأکیدا و قیل أیضا أنه تعلیم لنا فی تجدید ذکره تعالى عند کل حاجة فإن قیل أن عبادة الله تعالى لا تتأتى بغیر إعانة منه فکان یجب أن یقدم الاستعانة على العبادة فالجواب أنه قدم العبادة على الاستعانة لا على الإعانة و قد تأتی بغیر استعانة و أیضا فإن أحدهما إذا کان مرتبطا بالآخر لم یختلف التقدیم و التأخیر کما یقال قضیت حقی فأحسنت إلی و أحسنت إلی فقضیت حقی و قیل أن السؤال للمعونة إنما یقع على عبادة مستأنفة لا على عبادة واقعة منهم و إنما حسن طلب المعونة و إن کان لا بد منها مع التکلیف على وجه الانقطاع إلیه تعالى کقوله رَبِّ اُحْکُمْ بِالْحَقِّ و لأنه ربما لا یکون اللطف فی إدامة التکلیف و لا فی فعل المعونة به إلا بعد تقدیم الدعاء من العبد و قد أخطأ من استدل بهذه الآیة على أن القدرة مع الفعل من حیث أن القدرة لو کانت متقدمة لما کان لطلب المعونة وجه لأن للرغبة إلى الله تعالى فی طلب المعونة وجهین أحدهما أن یسأل الله تعالى من ألطافه و ما یقوی دواعیه و یسهل الفعل علیه ما لیس بحاصل و متى لطف له بأن یعلمه أن له فی فعله الثواب العظیم زاد ذلک فی نشاطه و رغبته و الثانی أن یطلب بقاء کونه قادرا على طاعته المستقبلة بأن تجدد له القدرة حالا بعد حال عند من لا یقول ببقائها و أن لا یفعل ما یضادها و ینفیها عند من قال ببقائها و أما العدول عن الخبر إلى الخطاب فی قوله «إِیََّاکَ نَعْبُدُ» إلى آخر السورة فعلى عادة العرب المشهورة و أشعارهم من ذلک مملوءة قال لبید :

باتت تشکی إلی النفس مجهشة # و قد حملتک سبعا بعد سبعینا


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست