اسم الکتاب: المعجم في فقه لغة القرآن و سرّ بلاغته - المجلد ۱
المؤلف: قسم القرآن بمجمع البحوث الاسلامیة
الجزء: ۱
الصفحة: ۲۵۸
أثاث الدّکّان، و أثاث السّیّارة، و أثاث المدرسة، کما قد یتوسّع فیه أیضا، فیقال للمال الکثیر باعتباره متاع الحیاة.
3- و الفرق بین «أثاث» و «متاع» أنّه لوحظ فی الأوّل الکثرة، و فی الثّانی التّمتّع، و لیس فی المتاع معنى الکثرة بخلاف الأثاث، فالأوّل اسم جمع و الثّانی مفرد، إلّا أنّه یظهر من قول الطّوسیّ: «لا واحد للأثاث کما لا واحد للمتاع». أنّ المتاع أیضا اسم جمع، و لیس ثابتا، و یؤیّده أنّ «المتاع» یجمع على أمتعة: لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِکُمْ وَ أَمْتِعَتِکُمْ النّساء: 102، و جمع الجمع أماتع و أماتیع، فی حال أنّ «الأثاث» لم یثبت له جمع سوى ما قیل: ثلاثة آثّة و أثث، و هو شاذّ. سوى ما مرّ عن بعض اللّغویّین.
و هناک فرق آخر بینهما و هو أنّ المتاع اسم دائما و لیس مصدرا، و أمّا الأثاث فجاء مصدرا أیضا، و لعلّه الأصل فیه، یقال: أثّ: أثاثا و أثوثا و أثاثة، فهو من قبیل «الکتاب» مصدر بمعنى المکتوب، و الأثاث مصدر بمعنى الوصف، أی الشّیء الکثیر، ثمّ اختصّ بمتاع البیت.
الاستعمال القرآنیّ
جاء «أثاث» صیغة واحدة فی آیتین مکّیّتین:
1- وَ اللَّهُ جَعَلَ لَکُمْ مِنْ بُیُوتِکُمْ سَکَناً وَ جَعَلَ لَکُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُیُوتاً تَسْتَخِفُّونَها یَوْمَ ظَعْنِکُمْ وَ یَوْمَ إِقامَتِکُمْ وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها أَثاثاً وَ مَتاعاً إِلى حِینٍ النّحل: 80
2- وَ کَمْ أَهْلَکْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْیاً مریم: 74
و یلاحظ أوّلا: أنّ أثاثا نکرة منصوبة فیهما، فجاء فی الأولى مع (متاعا) و فی الثّانیة مع (رءیا) من الرّؤیة، أی المنظر و الهیئة.
و ثانیا: أنّ مجیئه مع (متاعا) یأبى أن یکون الأثاث بمعنى المتاع- کما قیل- بل یتعیّن أن یکون المراد به متاع البیت فقط، و أنّ (اثاثا و متاعا) من قبیل ذکر العامّ بعد الخاصّ.
و ثالثا: أنّه ذکر لفظ (بیوت) فی الآیة الأولى مرّتین، و هو شدید المناسبة مع معنى الأثاث.
و رابعا: أنّ ذکر (اصواف) و (اوبار) و (اشعار) قبل (اثاثا) فی هذه الآیة- و هی لا یصنع منها سوى الفرش و اللّباس- لعلّه أوجب أنّ بعضهم فسّر (اثاثا) بالفرش أو الثّیاب، مع أنّه لا موجب له؛ إذ الفرش و الثّیاب من جملة متاع البیت، فجاء (اثاثا) بهذه المناسبة، لا لأجل أنّه بمعنى الفرش و اللّباس، فهو من قبیل تفسیر المفهوم بالمصداق.
و خامسا: أنّ مجیئه مع (رءیا) و هو بمعنى الهیئة و المنظر، أوجب تفسیر الأثاث باللّباس، و هذا أیضا من قبیل ذکر المصداق مکان المفهوم.
|