تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التقیة فی الاسلام    المؤلف: عبدالله نظام    الجزء: ۱    الصفحة: ٣۹   

أولاً: (الحفظ) سُنّة کونیّة


ظهر من المعانی اللغویة والاصطلاحیة أن التقیة تعنی الحفظ، ودلَّت الآیات الکریمة والروایات الشریفة تصریحاً وتلویحاً على لزوم مراعاته, وعدَّدت أشکاله ووسائله, من حفظ لأصل الذات والوجود, إلى دفع الأذى عنهما, إلى الملاءمة مع المحیط والمداراة, دون أن یلزم من ذلک خدشة فی الدین أو العقیدة.
إن المتأمل فی هذا الکون یدرک أن الحفظ سُنَّة کونیة, یرى ذلک فیما أودعه الله تعالى فی النبات والحیوان من قدرات لحمایة نفسه واستمرار وجوده، وفی القوانین المنظمة لانجماد الماء, وفی دورته الکونیة بما یحفظ الحیاة على الیابسة وفی البحار, وفی نظام حرکة الأفلاک وأغلفتها الجویة، لتصل النوبة إلى الإنسان الذی یعتبر الحفظ سرّ حضارته ومنشأ مسیرتها، والقوة الدافعة وراء اکتشافه لأسالیب البناء وحیاکة الثیاب وإنتاج وحفظ الطعام, لقد شعر بالحاجة إلیه منذ أیام وجوده الأولى، وعلم أن لا استمراریة للحیاة بدونه, فاهتمّ بتنویعه وتطویره, ببحوثه العلمیة المختلفة,فحفظ البدن ببحوثه الطبیة، وحفظ المال ببحوثه الاقتصادیة، ونظم حیاته وحفظ حیثیاته الاجتماعیة ببحوثه القانونیة والتشریعیة.
فالحفظ من أسرار الخلیقة, یستمر به وجودها، وتحفظ به مصالحها، فهو سُنَّة کونیة ومحرک عظیم لحضارة الإنسان.
وإذا تجاوزنا الجهات المادیة للحیاة وتأملنا فی المعنویات, فإننا سنجد الدین یسعى أیضاً إلى هذه الغایة، بتأمین سعادة الدارَین والسلامة فیهما, یقول تعالى فی کتابه الکریم: ﴿... قَدْ جَاءَکُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ کِتَابٌ مُبِینٌ‌ (15) یَهْدِی




«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست