تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱   

السبب الکلّیّ لخلق هذا العالم العلویّ و السفلیّ طرّا. و کفى بذلک جلالة و فخرا، قال اللّه تعالى فی محکم الکتاب تذکرة و تبصرة لأولی الألباب: «اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ یَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَیْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى‌ کُلِّ شَیْ‌ءٍ قَدِیرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِکُلِّ شَیْ‌ءٍ عِلْماً [1]» و کفى بهذه الآیة دلیلا على شرف العلم لا سیّما علم التوحید الّذی هو أساس کلّ علم و مدار کلّ معرفة، و جعل اللّه سبحانه العلم أعلى و أشرف، و أوّل منّة امتنّ بها على ابن آدم بعد خلقه و إبرازه من ظلم العدم إلى ضیاء الوجود فقال سبحانه فی أوّل سورة أنزلها على نبیّه محمّد صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَ رَبُّکَ الْأَکْرَمُ. الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ‌ [2]: فتأمّل کیف افتتح کتابه الکریم المجید- الّذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه و لا من خلفه تنزیل من حکیم حمید- بنعمة الإیجاد، ثمّ أردفها بنعمة العلم، فلو کان ثمّة منّة أو توجد نعمة بعد نعمة الإیجاد هی أعلى من العلم لما خصّه اللّه تعالى بذلک و صدّر به نور الهدایة و طریق الدّلالة على الصراط المستقیم الآخذ بحجزة البراعة و دقائق المعانی و حقائق البلاغة، و قد قیل فی وجه التناسب بین الآی المذکورة فی صدر هذه السورة الّتی قد اشتمل بعضها على خلق الإنسان من علق و فی بعضها تعلیمه ما لم یعلم لیحصل النظم البدیع فی ترتیب آیاته: إنّه تعالى ذکر أوّل حال الإنسان و هو کونه علقة مع أنّها أخس الأشیاء و آخر حاله و هو صیرورته عالما و هو أجلّ المراتب، کأنّه تعالى قال: کنت فی أوّل حالک فی تلک الدّرجة الّتی هی غایة الخساسة فصرت فی آخر حالک فی هذه الدّرجة الّتی هی الغایة فی الشرف و النفاسة و هذا إنّما یتمّ لو کان العلم أشرف المراتب إذ لو کان غیره أشرف لکان ذکر ذلک الشی‌ء فی هذا المقام أولى.

و وجه آخر أنّه تعالى قال: «وَ رَبُّکَ الْأَکْرَمُ. الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ» و قد تقرّر فی أصول الفقه «أنّ ترتّب الحکم على الوصف مشعر بکون الوصف علّة» و هذا یدلّ على أنّ اللّه سبحانه اختصّ بوصف الأکرمیّة لأنّه علّم الإنسان‌


[1] الطلاق: 12.

[2] العلق: 1- إلى- 5.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست