تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۷۲   

و إنّما المهمّ من ذلک ما یقرّب إلى اللّه- سبحانه- و النشأة الآخرة و أمّا أولو العقول الصرفة فلم یؤتوا من العلم و القدرة و النظر ما أوتی النبیّون و لم یصل أفکارهم إلى النشأة الآخرة کما ینبغی و مع ذلک فلا یجوز التقصیر فی حقّهم و التفریط فی شأنهم على وجه یفضی إلى الازراء بهم و بإیمانهم حاشاهم عن ذلک لا سیّما و کلماتهم مرموزة و ما ورد علیهم و إن کان متوجّها على ظاهر أقاویلهم لم یتوجّه على مقاصدهم فلا ردّ على الرمز، نعم لمّا کان ما ینفع فی الآخرة من علومهم موجودا فی الشرائع خصوصا فی شریعتنا التامّة الکاملة البیضاء على وجه أتمّ و أکمل و طریقه أیسر و أسهل و ما لا ینفع فی الآخرة منها فلا حاجة إلیه فی سلوک سبیل اللّه عزّ و جلّ بل هو عائق عن السلوک فی الأکثر و مبعّد عن اللّه للأکثر و کذلک ما لم یفصّل منها فی الشرع تفصیلا و کان له مدخل فی معرفة اللّه تعالى ککیفیّة صفات اللّه عزّ و جلّ و علم الهیئة و غیر ذلک لا حاجة فیه إلى التفصیل فی سلوک السبیل بل یکفی فیه المجملات و المرموزات الّتی وردت فی الشرائع مع أنّ طریقة الفلاسفة کثیرة الخطر و المهالک و لهذا ضلّ فیها کثیر من الأذکیاء و تاهوا عن الحقّ و الهدى و قد تطرّق إلى علومهم تحریفات من المتأخرین بسبب سوء أفهامهم و الإخلال بشرائط تحصیلها، فما هو الموجود منها بین الناس الیوم لیس بعینه ما کان بین القدماء بل اختلّ بعضها، فالأولى الإعراض عن علومهم و عدم الخوض فی طریقتهم إلّا لمن أحکم العلوم الدینیّة کلّها و فرغ منها جمیعا و أراد أن یستطلع على مقاصدهم و یطلب العثور على مطالبهم فلا بأس له بذلک.

و بما ذکرناه ظهر وجه مدح الفلسفة و ذمّها الواردین على لسان کثیر من المترسّمین بالعلم، و لعلّ أبا حامد رأى المصلحة فی ذمّها صونا للطالبین عن الخوض فیما لا یهمّهم و حثّا لهم على ملازمة الشرائع و إشفاقا علیهم من الضّلال فی سبیل التحصیل و لهذا قال فی شأن هذا العلم ما قال و اللّه یعلم.

قال أبو حامد: «فإذا علم الکلام صار من جملة الصناعات الواجبة على الکفایات حراسة لقلوب العوام عن تخییلات المبتدعة، و إنّما حدث ذلک بحدوث البدع کما حدث حاجة الإنسان إلى استیجار البدرقة فی طریق الحجّ لحدوث ظلم العرب و قطعهم الطریق‌


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست