تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: المحجة البيضاء في تهذيب الإحياء - المجلد ۱    المؤلف: الفیض الکاشانی    الجزء: ۱    الصفحة: ۷٣   

و لو ترکت العرب عداوتهم لم یکن استیجار الحرّاس من شروط طریق الحجّ فکذلک لو ترک. المبتدع هذیانه لما افتقر إلى الزیادة على ما عهد فی عصر الصحابة فلیعلم المتکلّم حدّه من الدّین و أنّ موقعه منه موقع الحارس فی طریق الحجّ، فإذا تجرّد الحارس للحراسة لم یکن من جملة الحاجّ و المتکلّم إن تجرّد للمناظرة و المدافعة و لم یسلک طریق الآخرة و لم یشتغل بتعهّد القلب و إصلاحه لم یکن من جملة علماء الدّین أصلا إذ لیس عند المتکلّم من الدّین إلّا العقیدة الّتی یشارکه سائر العوام فیها و هی من جملة أعمال ظاهر القلب و اللّسان و إنّما یتمیّز عن العامیّ بصنعة المجادلة و الحراسة، فأمّا معنى معرفة اللّه سبحانه و صفاته و أفعاله و جمیع ما أشرنا إلیه فی علم المکاشفة فلا یحصل من علم الکلام بل یکاد یکون الکلام حجابا و مانعا منه و إنّما الوصول إلیه بالمجاهدة الّتی جعلها اللّه تعالى مقدّمة للهدایة حیث قال تعالى: «وَ الَّذِینَ جاهَدُوا فِینا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنا [1]» ثمّ أورد أبو حامد سؤالا حاصله انّک رددت حدّ المتکلّم إلى حراسة عقیدة العوام عن تشویش المبتدعین کما أنّ حدّ البدرقة حراسة أقمشة الحجیج عن نهب العرب و رددت حدّ الفقه إلى حفظ القانون الّذی به یکفّ السلطان شرّ بعض أهل العدوان عن بعض و هاتان مرتبتان نازلتان بالإضافة إلى علم الدین و علماء الامّة المشهورون بالفضل هم الفقهاء و المتکلّمون و هم أفضل الخلق عند اللّه عزّ و جلّ؟ و أجاب بما حاصله أنّ علماء الدّین ما کانوا متجرّدین لعلم الفقه بل کانوا مشتغلین بعلم القلوب مراقبین لها و لکن صرفهم عن التصنیف و التدریس فیه ما صرف الصحابة عن التصنیف و التدریس فی الفقه مع أنّهم کانوا فقهاء مشتغلین بعلم الفتاوی و الصوارف و الدواعی متفنّنة و لا حاجة إلى ذکرها ففضیلة علماء الدین لیست باعتبار فقههم و معرفتهم بالکلام بل باعتبار معرفتهم بدقائق علوم الباطن و عملهم بمقتضى علمهم و إرادتهم بالفقه وجه اللّه و زهدهم فی الدنیا و نحو ذلک و إن کانت شهرتهم باعتبار الفقه و الکلام فإنّ ما ینال به الفضل عند اللّه شی‌ء و ما ینال به الشهرة عند الناس شی‌ء آخر و سننقل من سیرة علماء السلف ما یعلم به أنّ الّذین ینتحلون مذاهبهم ظلموهم و أنّهم من أشدّ خصمائهم یوم القیامة» (1) أقول: و أنا أطوی ما نقله‌


[1] العنکبوت: 69.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست