تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الفقه علی المذاهب الخمسة - المجلد ۱    المؤلف: محمد جواد مغنیّة    الجزء: ۱    الصفحة: ۲۱   

القلّتین فالجریة نجسة ، أمّا ما فوقها وما تحتها مِن الماء فهو طاهر .

وفسروا الجریة ـ بکسر الجیم ـ بالدفعة التی بین حافتی النهر فی العرض . فالفرق بین الجاری والراکد عند الشافعیة : أنّ الراکد یحسب بمجموعه ماء واحداً ، أمّا الجاری وإن اتصلتْ أجزاؤه فیقسّم إلى دفعات ، ویعطى لکلّ دفعة حکم مستقل عن سائر الدفعات ، فإنّ کثرت لَم تنجس بالملاقاة وان قلّت تنجستْ .

وعلیه إذا کانت یدک نجسة ، وطهرتها بدفعة مِن دفعات الماء الجاری ، ولَم تبلغ الدفعة قلّتین ، فلا یجوز لک أن تشرب أو تتوضأ منها ؛ لأنّها نجسة ، وعلیک أن تنتظر الدفعة الثانیة ، أو تنتقل إلى فوق أو تحت .

ویلاحظ أنّ الفرق بعید جداً بین رأی الشافعیة والحنفیة فی الماء الجاری ، فالحنفیة یرون أنّ الجریان ـ ولو یسیراً ـ سبب للتطهیر ، کما یدل علیه تمثیلهم بإنائی ماء ، أحدهما طاهر والآخر نجس ، فالماء یصیر طاهراً لو مُزدج الماءان بالجریان . أمّا الشافعیة فلا یعتبرون الجریان ، ولو کان نهراً کبیراً ، ویلاحظون کلّ جریة مستقلة عن أختها ، على الرغم مِن اتصال أجزاء الماء بعضها ببعض .

وقال الحنابلة : الماء الراکد ینجس بمجرد الملاقاة إذا کان دون القلّتین ، نابعاً کان أو غیر نابع ، أمّا الجاری فلا ینجس إلا بالتغییر ، أی إنّ حکمه حکم الکثیر ، وإن لَم یکن نابعاً . وهذا القول قریب مِن قول الحنفیة .

أما المالکیة : فقد قدّمنا أنّ القلیل لا ینجس عندهم بالملاقاة ، ولّم یفرّقوا بین الراکد والجاری . وبکلمة : إنّهم ـ کما یظهر ـ لا یعتبرون القلة والکثرة ، ولا الجریان والرکود ، ولا المادة وغیرها ، وإنّما المعول على التغیر بالنجاسة ، فإن غیّرته النجاسة تنجس ، وإلاّ بقی على الطهارة ، نابعاً کان أو غیر نابع ، قلیلاً أو کثیراً .

وقال الإمامیة : لا تأثیر للجریان بحال ، وإنّما الاعتبار بالمادة النابعة أو الکثرة ، فإن اتصل الماء بالنبع ـ ولو رشحاً ـ أعطی حکم الکثیر ، أی لا ینجس بالملاقاة ، وإن یکن قلیلاً وواقفاً ؛ لأنّ فی النبع قوة عاصمة ومادة


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست