تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الفقه علی المذاهب الخمسة - المجلد ۱    المؤلف: محمد جواد مغنیّة    الجزء: ۱    الصفحة: ۸   

مِن أصولها ، فإذا حجرنا على العقل حجرنا على الدین بحکم التلازم بینهما ، وبکلمة : إذا قلنا بسدّ باب الاجتهاد یلزمنا واحد مِن أمرین لا ثالث لهما ، ولا مناص مِن الالتزام بأحدهما ، إمّا أن نسدّ باب الدین کما سددنا باب الاجتهاد ، وإمّا أن نقول : إنَّ العقل لا یدعم الدین ، ولا یقرّ حُکماً مِن أحکامه ، وکلاهما بعید عن منطق الشرع والواقع .

3 ـ إنَّ ( العالِم ) الذی یتعصّب لمذهب ـ أیّ مذهب ـ هو أسوأ حالاً مِن الجاهل ؛ ذلک لأنّه لَم یتعصّب ، والحال هذه للدین والإسلام ، وإنّما تعصّب للفرد ، لصاحب المذهب بالذات ما دام العقل لا یحتّم متابعته بالخصوص ، کما أنّ مخالفة المذهب لیست مخالفة لواقع الإسلام وحقیقته ، بل لصاحب المذهب ، وبالأصح للصورة الذهنیة التی تَصوّرها عن الإسلام .

ومهما یکن ، فکلّنا یعلم أنّه لَم یکن فی الصدر الأوّل مذاهب وفِرق حین کان الإسلام صفواً مِن کلّ شائبة ، وکان المسلمون فی طلیعة الأمم ، ویعلم أیضاً عِلم الیقین أنّ هذه الفرق والمذاهب باعدتْ بین المسلمین ، وأقامت بینهم حواجز وفواصل حالت دون قوّتهم وسیرهم فی سبیل واحدة لغایة واحدة ، وإنّ المستعمرین وأعداء الإسلام وجدوا فی هذه التفرقة خیر الفرص للاستغلال وإثارة الفتن . وما سیطر الغرب على الشرق ، وبلغ النهایة فی استغلاله واستذلاله إلاّ عن طریق الفُرقة وتفتیت القوى .

لهذا کلّه نشأ فی عقول القادة المخلصین فکرة توحید الکلمة وتماسک الجماعة الإسلامیة ، والعمل لها بشتّى الوسائل ، ومِن هذه الوسائل : فتح باب الاجتهاد ، والقضاء على طغیان التبعیة لمذهب معیّن .

والمعروف بین المتفقّهین أنّ السبب الموجب لسدّ باب الاجتهاد أنّ فتْحه على مصراعیه أحدثَ اضطراباً وفوضى ، حیث تطاول إلیه الصغار مِن طلاّب العِلم ، وادّعاه مَن لیس له بأهل ، حتّى استامه کلّ مفلِس ، أی أنّ ( المصلحین ) داووا المرض بالقضاء على المریض ، لا باستئصال الداء !

هذا ما سطّره الأوّلون فی کتبهم ، وردّده المتأخّرون على ألسنتهم مِن دون


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست