تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الاسلام المحمدي الاصيل في كلام الامام الخميني    المؤلف:    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱   

لمعاناة الاسلام المحمدی – صلى الله علیه وآله – فی کافة الدول. لماذا یکون کل هؤلاء هدفاً للتآمر والاغتیال؟). (صحیفة الامام، ج 21، ص 111 – 112).



خامساً – العبادة والأنس مع المعبود
بالنسبة للجانب العبادی فی ثقافة الاسلام الاصیل، أن حقیقة الدعاء لیست من سنخ الکلام والخطابة، وإنما تعبیر عن الحال، إذ أن کلام و دعاء الداعی یتحدث عن حالته الروحیة والباطنیة، مثلما أن حقیقة العبادة لا یعبّر عنها ظاهر أفعال واوراد واقوال العابد، بل عبودیة المعبود التی من مستلزماتها التحرر من عبودیة غیر الله والتسلیم لعبودیة المعبود الحقیقی، عبادة العباد تتحدث عن عبودیته، وفی غیر ذلک فان العبادة الظاهریة بمعزل عن العبودیة الحقیقیة لیست اکثر من ریاء ونفاق، وهذا أیضاً الکفر والشرک بعینه وعلى نقیض من التوحید والوحدانیة.
وفی الوقت نفسه فان مقارعة الطاغوت والتوجه الثوری والانشطة السیاسیة والاجتماعیة، لن تحول دون الارتباط والاتصال بعالم الغیب والإنس مع المعبود، لأن مبدأ رفض الطواغیت ومقارعة المستکبرین وکافة الانشطة السیاسیة والاجتماعیة، إنما هی بدافع ترجمة التوحید الحقیقی فی الحیاة الشخصیة والاجتماعیة وعبودیة الحق تعالى. ولهذا فأن المؤمنین بالاسلام الاصیل لن یتخلوا عن عبودیة الخالق وعبادته بحجة مقارعة الطاغوت والاستکبار أو الانشطة الاجتماعیة والسیاسیة وخدمة الخلق، وأن کل خدمة تقدم للخلق إنما هی من أجل رضا الخالق من وجهة نظرهم.
ومن هنا فان الامام الخمینی وضمن حرصه الشدید على الفرائض الواجبة، کان متمسکاً أیضاً بالنوافل والاعمال المستحبة. وقد اعتاد سماحته على الانشغال بالعبادة والابتهال والتهجد على مدى ساعة کاملة منذ موعد الأذان سواء لصلاة الصبح وصلاتی الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفی الوقت نفسه وعلى مدى سبعین سنة کاملة کان حریصاً على إقامة النوافل خاصة نوافل اللیل، وکان دائماً على اتصال عرفانی مع محبوبه ومعبوده. وفی الحقیقة أن نفس هذه العلاقة الصادقة والأنس مع المعبود، صنعت منه شخصیة فذة لا تخشى غیر الله، ولهذا نهض وحیداً فی مقارعة الطواغیت والمستکبرین، ووقف کالطود الشامخ فی مواجهة کل الاعاصیر والعواصف.



سادساً – الاخلاق والعرفان
على صعید الأخلاق أیضاً یعتبر اکتساب الفضائل ومکارم الاخلاق واجتناب الرذائل الاخلاقیة والتندس الروحی، جزءً من المستلزمات العملیة للاسلام الاصیل، وتعد التقوى العملیة والسیر والسلوک المعنوی والسمو الروحی والعرفان العملی، اضافة الى العرفان النظری، من الاهداف الحقیقیة للاسلام الاصیل. ونظراً لأن اخلاق الشخص إنما هی انعکاس لإیمانه ومعتقداته، فمن الطبیعی أن یعد التحلی بها من مستلزمات معتقداته وقناعاته ایضاً، بل أن العلاقة فیما بینهما تمثل نوعاً من الانسجام والاتحاد بین قلب الانسان وروحه، غیر أن تجلیاتها العینیة وانعکاساتها الخارجیة تظهر فی الاخلاق والعبادات والاحکام العملیة. لذا فان مستوى التمسک بالمبادئ الاخلاقیة والعملیة تشیر فی الحقیقة الى مستوى الاعتقاد القلبی للانسان. (القرآن فی الاسلام، العلامة الطباطبائی، دار الکتب الاسلامیة 1376، ص 10 – 11).
بناء على ذلک، الاسلام الاصیل لا یتلخص فی الإدعاء والشعار، بل أن تحققه لدى الشخص یستلزم تمسکه العملی والاخلاقی على صعید السلوک والفعل، لأن الایمان بمعزل عن العمل الصالح لا ینجی، کما أن العمل بدون ایمان لا یجلب السعادة، لأن الحیاة الطیبة والحیاة الایمانیة والدینیة التی منوطة بها السعادة الحقیقیة والواقعیة للبشریة، تتحقق فقط فی ظل وجود الایمان مقروناً بالعمل الصالح.


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست