تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ۲٤   

فان اللّٰه تعالى قد فتح على قلب العالم العلم الذی هو أخص صفاته،فهو کالخازن لأنفس خزائنه ، ثم هو مأذون له فی الإنفاق منه على کل محتاج إلیه.فأی رتبة أجلّ من کون العبد واسطة بین ربه سبحانه و بین خلقه فی تقریبهم إلى اللّٰه زلفى،و سیاقتهم إلى جنة المأوى؟ جعلنا اللّٰه منهم بکرمه! و صلى اللّٰه على کل عبد مصطفى.

الباب الثانی

فی العلم المحمود و المذموم و أقسامهما و أحکامهما ،و فیه بیان ما هو فرض عین و ما هو فرض کفایة و بیان أن موقع الکلام و الفقه من علم الدین إلى أی حد هو و تفضیل علم الآخرة

بیان العلم الذی هو فرضه عین

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه علیه و سلم: «طلب العلم فریضة على کلّ مسلم»

و قال أیضا صلى اللّٰه علیه و سلم: «اطلبوا العلم و لو بالصّین » [1] و اختلف الناس فی العلم الذی هو فرض على کل مسلم،فتفرقوا فیه أکثر من عشرین فرقة،و لا نطیل بنقل التفصیل،و لکن حاصله أن کل فریق نزّل الوجوب على العلم الذی هو بصدده،فقال:المتکلمون:هو علم الکلام،إذ به یدرک التوحید،و یعلم به ذات اللّٰه سبحانه و صفاته.و قال الفقهاء:هو علم الفقه إذ به تعرف العبادات و الحلال و الحرام و ما یحرم من المعاملات و ما یحلّ،و عنوا به ما یحتاج إلیه الآحاد،دون الوقائع النادرة.و قال المفسرون و المحدثون:هو علم الکتاب و السنة إذ بهما یتوصل إلى العلوم کلها .و قال المتصوفة:المراد به هذا العلم،فقال بعضهم:هو علم العبد بحاله،و مقامه من اللّٰه عز و جلّ،و قال بعضهم:هو العلم بالإخلاص و آفات النفوس و تمییز لمّة الملک من لمة الشیطان .و قال بعضهم:هو علم الباطن و ذلک یجب على أقوام مخصوصین هم أهل ذلک ،و صرفوا اللفظ عن عمومه .و قال أبو طالب المکی:هو العلم بما یتضمنه الحدیث الذی فیه مبانى الإسلام،و هو

قوله صلى اللّٰه علیه و سلم[1] «بنى الإسلام على خمس :شهادة أن لا إله إلاّ اللّٰه» إلی آخر الحدیث،لأن الواجب هذه الخمس،فیجب العلم بکیفیة العلم فیها،و بکیفیة الوجوب .


[1] راجع تخریجه فی ص 15


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست