تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: إحياء علوم الدين - المجلد ۱    المؤلف: ابو حامد الغزالی    الجزء: ۱    الصفحة: ٣٣   

الثالثة-ورع المتقین،و هو ترک الحلال المحض الذی یخاف منه أداؤه إلى الحرام،

قال صلى اللّٰه علیه و سلم[1] «لا یکون الرّجل من المتّقین حتّى یدع ما لا بأس به مخافة ممّا به بأس» و ذلک مثل التورع عن التحدث بأحوال الناس خیفة من الانجرار إلى الغیبة،و التورع عن أکل الشهوات خیفة من هیجان النشاط و البطر المؤدى إلى مقارفة المحظورات الرابعة-ورع الصدیقین،و هو الإعراض عما سوى اللّٰه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر إلى ما لا یفید زیادة قرب عند اللّٰه عز و جل،و إن کان یعلم و یتحقق أنه لا یفضی إلى حرام فهذه الدرجات کلها خارجة عن نظر الفقیه.إلا الدرجة الأولى،و هو ورع الشهود و القضاة و ما یقدح فی العدالة ،و القیام بذلک لا ینفی الإثم فی الآخرة،

قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه علیه و سلم[2] « لوابصة استفت قلبک و إن أفتوک و إن أفتوک و إن أفتوک». و الفقیه لا یتکلم فی حزازات القلوب و کیفیة العمل بها،بل فیما یقدح فی العدالة فقط،فإذا جمیع نظر الفقیه مرتبط بالدنیا التی بها صلاح طریق الآخرة،فان تکلم فی شیء من صفات القلب و أحکام الآخرة فذلک یدخل فی کلامه على سبیل التطفل ،کما قد یدخل فی کلامه شیء من الطب و الحساب و النجوم و علم الکلام،و کما تدخل الحکمة فی النحو و الشعر.و کان سفیان الثوری و هو إمام فی علم الظاهر یقول:إن طلب هذا لیس من زاد الآخرة .کیف و قد اتفقوا على أن الشرف فی العلم العمل به،فکیف یظنّ أنه علم الظهار و اللعان و السلم و الإجارة و الصرف؟ و من تعلم هذه الأمور لیتقرب بها إلى اللّٰه تعالى فهو مجنون،و إنما العمل بالقلب و الجوارح فی الطاعات،و الشرف هو تلک الأعمال فان قلت:لم سویت بین الفقه و الطب إذ الطب أیضا یتعلق بالدنیا و هو صحة الجسد ، و ذلک یتعلق به أیضا صلاح الدین،و هذه التسویة تخالف إجماع المسلمین؟فاعلم أن التسویة غیر لازمة بل بینهما فرق،و أن الفقه أشرف منه من ثلاثة أوجه:(أحدها)أنه علم شرعی


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست