تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: مروج الذهب و معادن الجوهر - المجلد ۱    المؤلف: علی بن الحسین المسعودی    الجزء: ۱    الصفحة: ٤٦   

قرباناً فَتَحَرَّى هابیل أجود غنمه وأجود طعامه فقربه، وتحرى قاین شر ماله وقربه، فکان من أمرهما ما قد حکاه الله تعالى فی کتابه العزیز من قتل قاین هابیل، ویقال: إنه اغتاله فی بریة قاع، ویقال: إن ذلک کان ببلاد دمشق من أرض الشام وکان قتله شَدْخاً بحجر، فیقال: إن الوحوش هنالک استوحشت من الإنسان، وذلک أنه بدأ فبلغ الغرض بالشر والقتل، فلما قتله تحیَّر فی توریته، وحمله یطوف به الأرض، فبعث الله غراباً إلى غراب فقلته ودفنه، فأسف قاین ثم قال ما حکاه القرآن عنه: یا ویلتا أعجزت أن أکون مثل هذا الغراب فأواری سوءة أخی فدفنه عند ذلک، فلما علم آدم بذلک حزن وجزع وارتاع وهلع.
قال المسعودی: وقد استفاض فی الناس شعر یَعْزُونه إلى آدم، أنه قال حین حزن على ولده وأسف على فقده، وهو:-
تغیرت البلادُ ومن علیها ... فوجْهُ الأرْضِ مُغْبَرّ قبیح
تغیر کلُّ ذِی لون وطعْمٍ ... وقلَّ بشاشةَ الوجهُ الصبیحُ
وبُدِّل أهْلُها خَمْطا وأَثْلًا ... بجناتٍ من الفردوسِ فِیح
وجاورنا عدوٌّ لیس ینسى ... لَعِینٌ لا یموت فنستریح
وقَتَّلَ قاینٌ هابیل ظلما ... فوا أسفا على الوجه الملیح
فمالی لا أجود بسَکْب دمع ... وهابیل تضمنه الضریح
أرى طول الحیاة علیَّ غماً ... وما أنا من حیاتی مستریح


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست