تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ٦٣   

والعشرین أصبحنا نعلم أنّ الأرض لیست هی الکرة الأرضیّة فحسب، وإنّما تشمل الغلاف الجوّیّ المحیط بها، فهو جزء من الأرض، فأنت لا تسیر على الأرض، وإنّما فی الأرض، ولا تخرج من الأرض إلّا إذا خرجت مخترقاً الغلاف الجوّیّ المحیط بها. والقائل هو الله سبحانه وتعالى، وهو العالم والخالق والعلیم، وکلّ حرفٍ یأتی به له دلالة، ولا بدّ من أن نفسّر کلّ کلمة بالمعنى الحرفیّ اللّغویّ والاصطلاحیّ، وبالمعنى العلمیّ بما یُناسب العلم.
ومثالٌ آخر على إعجاز القرآن فی قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ [الشّورى: من الآیة 25]، فلماذا لم یقل: (یقبل التّوبة من عباده)؟ والقرآن الکریم لیس هو کلماتٍ صیغت من أحرف الهجاء فقط، وإنّما هو روح تسری داخل هذه الکلمات، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَکَذَلِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا﴾ [الشّورى: من الآیة 52]، قال: ﴿رُوحًا﴾ ولم یقل: کلمات؛ لأنّ الکلمات تُستعمل أحیاناً ویُهجر بعضها أحیاناً أخرى، شأنها شأن الکائنات من إنسان وحیوان ونبات، ولکن کلمات القرآن الکریم باقیة أبداً، حیّة منذ نزولها حتّى الآن؛ لأنّها روح تشعّ. والّذی یقبل التّوبة (عن عباده)، ولیس (من عباده)، هو الله سبحانه وتعالى، وهذا یثبت أنّ القرآن الکریم لیس من عند رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم ولیس هو من قول البشر، والله عزَّوجل یقول: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَکُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن کُنتُمْ صَادِقِینَ ﴾ [البقرة: من الآیة 23]، فمن یستطیع أن یتحدّى عطاء القرآن؟ أمّا قوله عزَّوجل ﴿یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ فلأنّه ربّ البشر، وفی الآیة دعوة للمسیء إلى المبادرة بالتّوبة، أی: التّوبة من



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست