تحمیل PDF هویة الکتاب
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: مجمع البیان فی تفسیر القرآن - المجلد ۱    المؤلف: الشيخ الطبرسي    الجزء: ۱    الصفحة: ٦   


النبی صلى الله علیه وآله وسلم فیما رواه لنا الثقات
بالأسانید الصحیحة مرفوعا إلى إمام الهدى ، وکهف الورى ، أبی الحسن علی بن
موسى الرضا علیه السلام ، عن آبائه سید عن سید ، وإمام عن إمام ، إلى أن اتصل به علیه
وآله السلام ، أنه قال :
طلب العلم فریضة على کل مسلم ومسلمة . فاطلبوا العلم من مظانه ، واقتبسوه
من أهله ، فإن تعلمه لله حسنة ، وطلبه عبادة ، والمذاکرة به تسبیح ، والعمل به
جهاد ، وتعلیمه من لا یعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى ، لأنه معالم
الحلال والحرام ، ومنار سبیل الجنة ، والمؤنس فی الوحشة ، والمصاحب فی الغربة
والوحدة ، والمحدث فی الخلوة ، والدلیل على السراء والضراء ، والسلاح على
الأعداء ، والزین عند الاخلاء ، یرفع الله به أقواما فیجعلهم فی الخیر قادة تقتبس
آثارهم ، ویقتدى بفعالهم ، وینتهى إلى آرائهم ، ترغب الملائکة فی خلتهم ،
وبأجنحتها تمسحهم ، وفی صلاتها تبارک علیهم ، یستغفر لهم کل رطب ویابس حتى
حیتان البحر وهوامه ، وسباع البر وأنعامه .
إن العلم حیاة القلوب من الجهل ، وضیاء الأبصار من الظلمة ، وقوة الأبدان من
الضعف ، یبلغ بالعبد منازل الأخیار ، ومجالس الأبرار ، والدرجات العلى فی الآخرة
والأولى . الذکر فیه یعدل بالصیام ، ومدارسته بالقیام ، به یطاع الرب ویعبد ، وبه
یوصل الأرحام ، ویعرف الحلال والحرام . العلم إمام العمل ، والعمل تابعه ، یلهمه
السعداء ، ویحرمه الأشقیاء ، فطوبى لمن لم یحرمه الله منه حظه . وفی أمثال هذا من
الأخبار کثرة لا نطول بذکرها .
ثم إن أشرف العلوم وأسناها ، وأبهرها وأبهاها ، وأجلها وأفضلها ، وأنفعها
وأکملها ، علم القرآن ، فإنه لجمیع العلوم الأصل ، منه تتفرع أفانینها ، والعماد علیه
تبنى قوانینها . وقد قال أمیر المؤمنین ، وسید الوصیین علی بن أبی طالب علیه السلام :
القرآن ظاهره أنیق ، وباطنه عمیق ، لا تفنى عجائبه ، ولا تنقضی غرائبه . وقد روی
عن عبد الله بن مسعود أنه قال : إذا أردتم العلم فأثیروا القرآن ، فإن فیه علم الأولین
والآخرین . وعن سعید ، عن قتادة فی قوله عز وجل ( ومن یؤت الحکمة فقد أوتی
خیرا کثیرا ) ، قال : هو القرآن . وعن رجاء بن حیاة ، قال : کنا یوما أنا وأبی عند
معاذ بن جبل ، فقال : من هذا یا حیاة ؟ فقال : هذا ابنی رجاء . فقال معاذ : هل
علمته القرآن ؟ قال : لا . قال : فعلمه القرآن ، فإنی سمعت رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم یقول : ما
من رجل علم ولده القرآن ، إلا توج أبواه یوم القیامة بتاج الملک ، وکسیا حلتین لم یر
الناس مثلهما . ثم ضرب بیده على کتفی فقال : یا بنی ! إذا استطعت أن تکسو
أبویک یوم القیامة حلتین فافعل . وروی عن ابن عباس ، عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم أنه قال :
من قال فی القرآن بغیر علم ، فلیتبوأ مقعده من النار . وصح عن النبی صلى الله علیه وآله وسلم من
روایة العام والخاص ، أنه قال : إنی تارک فیکم ما أن تمسکتم به لن تضلوا : کتاب
الله وعترتی أهل بیتی ، وإنهما لن یفترقا حتى یردا علی الحوض .
وإنما أحذف أسانید أمثال هذه الأحادیث إیثارا للتخفیف ، ولاشتهارها عند
أصحاب الحدیث . وقد خاض العلماء ، قدیما وحدیثا ، فی علم تفسیر القرآن ،
واجتهدوا فی إبراز مکنونه ، وإظهار مصونه ، وألفوا فیه کتبا جمة ، غاصوا فی کثیر
منها إلى أعماق لججه ، وشققوا الشعر فی


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب