تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: الفقه علی المذاهب الخمسة - المجلد ۱    المؤلف: محمد جواد مغنیّة    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۹   

أمّا إذا اختلطت النجاسة بالماء ، ولَم تغیر وصفاً مِن أوصافه ، فقال مالک فی إحدى الروایات عنه : هو طاهر ، قلیلاً کان أو کثیراً . وقال أهل المذاهب الأخرى : إنّ کان قلیلاً فنجس ، وان کان کثیراً فطاهر .

ولکنّهم اختلفوا فی حدّ الکثرة ، فقال الشافعیة والحنابلة [1] : الکثیر ما بلغ قلّتین ؛ لحدیث ( إذا بلغ الماء قلّتین لَم یحمل الخَبث ) . والقلّتان 500 رطل عراقی ، وقدّرهما بعض شیوخ الأزهر باثنتی عشرة تنکة . وقال الإمامیة : الکثیر ما بلغ کراً ؛ للحدیث ( إذا بلغ الماء قدر کرّ لَم ینجّسه شیء ) ، والکرّ 1200 رطل عراقی ، ویعادل حوالی 27 تنکة . وقال الحنفیة : الکثیر أن یبلغ مِن الکثرة بحیث إذا حُرک احد جانبی الماء لَم یتحرک الجانب الآخر [2] .

وممّا قدّمنا یتبین أنّ المالکیة لَم یعتبروا القلّتین ولا الکر ، وأنّه لیس للماء قدر معیّن عندهم ، فالقلیل والکثیر سواء فی أنّه متى تغیر أحد الأوصاف تنجّس وإلاّ فلا . ووافقهم مِن الإمامیة ابن أبی عقیل ؛ عملاً بعموم حدیث ( الماء طهور لا ینجّسه شیء ، إلاّ ما غلب ریحه أو طعمه أو لونه ) . ولکنّ هذا الحدیث عام ، وحدیث القلّتین أو الکرّ خاص ، والخاص مقدّم على العام .

والحنفیة أیضاً لَم یعتبروا القلّتین ولا الکر ، وإنّما اعتبروا الحرکة . ولَم أجد لهذه ( الحرکة ) عیناً ولا أثراً فی الکتاب والسنّة .

( فرع )

قال الشافعیة والإمامیة : غیر الماء مِن المائعات کالخل والزیت تنجُس بمجرد ملاقاتها للنجاسة ، قلَّت أو کثرت ، تغیرت أم لَم تتغیر . وهذا ما تقتضیه أصول الشرع ؛ لأنّ المفهوم مِن قول النبی ( صلّى الله علیه وسلّم ) ـ : ( إذا بلغ الماء


[1] قال الحنابلة : لا ینجس الکثیر بالملاقاة إذا لَم تکن النجاسة بولاً أو عذرة ، فإذا تنجّس بأحدهما ینجس ، تغیر أو لَم یتغیر ، إلاّ أن یکن مثل المصانع التی بطریق مکة ( المغنی لابن قدامة ، الجزء الأوّل ) .

[2] وهناک أقوال فی حد الکثرة غیر هذه ، ولکنّها متروکة ، منها : إنّ الکثیر أربعون قلّة ، ومنها دلوان ، ومنها أربعون دلواً .


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست