|
اسم الکتاب: شرح نهج البلاغة - المجلد ۱
المؤلف: ابن ابی الحدید
الجزء: ۱
الصفحة: ۱٠۹
عند قیام الأجسام و قد دل القرآن العزیز و نطق کلام 1أمیر المؤمنین ع فی هذا الفصل بأن آدم کان فی الجنة و أخرج منها . قیل قد اختلف شیوخنا رحمهم الله فی هذه المسألة فمن ذهب منهم إلى أنهما غیر مخلوقتین الآن یقول قد ثبت بدلیل السمع أن سائر الأجسام تعدم و لا یبقى فی الوجود إلا ذات الله تعالى بدلیل قوله کُلُّ شَیْءٍ هََالِکٌ إِلاََّ وَجْهَهُ [1] و قوله هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ [2] فلما کان أولا بمعنى أنه لا جسم فی الوجود معه فی الأزل وجب أن یکون آخرا بمعنى أنه لا یبقى فی الوجود جسم من الأجسام معه فیما لا یزال و بآیات کثیرة أخرى و إذا کان لا بد من عدم سائر الأجسام لم یکن فی خلق الجنة و النار قبل أوقات الجزاء فائدة لأنه لا بد أن یفنیهما مع الأجسام التی تفنى یوم القیامة فلا یبقى مع خلقهما من قبل معنى و یحملون الآیات التی دلت على کون آدم ع کان فی الجنة و أخرج منها على بستان من بساتین الدنیا قالوا و الهبوط لا یدل على کونهما فی السماء لجواز أن یکون فی الأرض إلا أنهما فی موضع مرتفع عن سائر الأرض . و أما غیر هؤلاء من شیوخنا فقالوا إنهما مخلوقتان الآن و اعترفوا بأن آدم کان فی جنة الجزاء و الثواب و قالوا لا یبعد أن یکون فی إخبار المکلفین بوجود الجنة و النار لطف لهم فی التکلیف و إنما یحسن الإخبار بذلک إذا کان صدقا و إنما یکون صدقا إذا کان خبره على ما هو علیه القول فی آدم و الملائکة أیهما أفضل فإن قیل فما الذی یقوله شیوخکم فی آدم و الملائکة أیهما أفضل . قیل لا خلاف بین شیوخنا رحمهم الله أن الملائکة أفضل من آدم و من جمیع الأنبیاء
[1] سورة القصص 88. [2] سورة الحدید 3. |
|