|
اسم الکتاب: شرح نهج البلاغة - المجلد ۱
المؤلف: ابن ابی الحدید
الجزء: ۱
الصفحة: ۵
الأخبار الغیبیة و خروجها عن وسع الطبیعة البشریة و بین من مقامات العارفین التی یرمز إلیها فی کلامه ما لا یعقله إلا العالمون و لا یدرکه إلا الروحانیون المقربون و کشف عن مقاصده ع فی لفظة یرسلها و معضلة [1] یکنی عنها و غامضة یعرض بها و خفایا یجمجم [2] بذکرها و هنات تجیش فی صدره فینفث بها نفثة المصدور و مرمضات مؤلمات یشکوها فیستریح بشکواها استراحة المکروب . فخرج هذا الکتاب کتابا کاملا فی فنه واحدا بین أبناء جنسه ممتعا بمحاسنه جلیلة فوائده شریفة مقاصده عظیما شأنه عالیة منزلته و مکانه و لا عجب أن یتقرب بسید الکتب إلى سید الملوک و بجامع الفضائل إلى جامع المناقب و بواحد العصر إلى أوحد الدهر فالأشیاء بأمثالها ألیق و إلى أشکالها أقرب و شبه الشیء إلیه منجذب و نحوه دان و مقترب . و لم یشرح هذا الکتاب قبلی فیما أعلمه إلا واحد و هو سعید بن هبة الله بن الحسن الفقیه المعروف بالقطب الراوندی [3] و کان من فقهاء الإمامیة و لم یکن من رجال هذا الکتاب لاقتصاره مدة عمره على الاشتغالبعلم الفقهوحده و أنى للفقیه أن یشرح هذه الفنون المتنوعة و یخوض فی هذه العلوم المتشعبة لا جرم أن شرحه لا یخفى حاله عن الذکی و جرى الوادی فطم على القرى [4] و قد تعرضت فی هذا الشرح لمناقضته
[1] کذا فی ج، و جمجم بالکلام: لم یبینه، و فی ا، ب: «یحجم» . [2] ا: «معضلة» ، بدون الواو. [3] هو سعید بن هبة اللّه بن الحسن الراوندیّ، أحد فقهاء الشیعة؛ و تصانیفه کثیرة متنوعة؛ أسمى کتابه فی شرح النهج «منهاج البراعة فی شرح نهج البلاغة» ، و توفّی سنة 573. لسان المیزان 3: 48، روضات الجنّات 302. [4] جرى الوادى فطم على القرى، مثل؛ قال المیدانی فی شرحه: أى جرى سیل الوادى فطم، أی دفن؛ یقال: طم السیل الرکیة؛ أى دفنها. و القرى: مجرى الماء فی الروضة، و الجمع أقریة و قریان، و «على» من صلة المعنى؛ أى أتى على القرى؛ یعنى أهلکه بأن دفنه؛ یضرب عند تجاوز الشیء حده» . مجمع الأمثال 1: 159. |
|