تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: شرح نهج البلاغة - المجلد ۱    المؤلف: ابن ابی الحدید    الجزء: ۱    الصفحة: ۵۸   

الذی علیه أکثر الأدباء و المتکلمین أن الحمد و المدح أخوان لا فرق بینهما تقول حمدت زیدا على إنعامه و مدحته على إنعامه و حمدته على شجاعته و مدحته على شجاعته فهما سواء یدخلان فیما کان من فعل الإنسان و فیما لیس من فعله کما ذکرناه من المثالین فأما الشکر فأخص من المدح لأنه لا یکون إلا على النعمة خاصة و لا یکون إلا صادرا من منعم علیه فلا یجوز عندهم أن یقال شکر زید عمرا لنعمة أنعمها عمرو على إنسان غیر زید .

إن قیل الاستعمال خلاف ذلک لأنهم یقولون حضرنا عند فلان فوجدناه یشکر الأمیر على معروفه عند زید قیل ذلک إنما یصح إذا کان إنعام الأمیر على زید أوجب سرور فلان فیکون شکر إنعام الأمیر على زید شکرا على السرور الداخل على قلبه بالإنعام على زید و تکون لفظة زید التی استعیرت ظاهرا لاستناد الشکر إلى مسماها کنایة لا حقیقة و یکون ذلک الشکر شکرا باعتبار السرور المذکور و مدحا باعتبار آخر و هو المناداة على ذلک الجمیل و الثناء الواقع بجنسه .

ثم إن هؤلاء المتکلمین الذین حکینا قولهم یزعمون أن الحمد و المدح و الشکر لا یکون إلا باللسان مع انطواء القلب على الثناء و التعظیم فإن استعمل شی‌ء من ذلک فی الأفعال بالجوارح کان مجازا و بقی البحث عن اشتراطهم مطابقة القلب للسان فإن الاستعمال لا یساعدهم لأن أهل الاصطلاح یقولون لمن مدح غیره أو شکره ریاء و سمعة إنه قد مدحه و شکره و إن کان منافقا عندهم و نظیر هذا الموضع الإیمان فإن أکثر المتکلمین لا یطلقونه على مجرد النطق اللسانی بل یشترطون فیه الاعتقاد القلبی فأما


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست