تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٠۵   

تبارک وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَیْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ یُؤْمِنُونَ﴾ فإنّه سبحانه وتعالى یتحدّث بعلمه وأنت لا تستطیع أن تحیط بعلمه بالحوادث، وحین یکلّف سیّدنا محمّداً صلَّى الله علیه وسلَّم بالدّعوة والإنذار فإنّه یقول له: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُکَ عَلَیْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ [فاطر: من الآیة 8]؛ لأنّنی أعلم أنّهم لن یؤمنوا. ومثل هذا نجده فی سورة (المسد): ﴿تَبَّتْ یَدَا أَبِی لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ والکلام عن عمّ النّبیّ صلَّى الله علیه وسلَّم وقد قال الله سبحانه وتعالى عنه أنّه: ﴿سَیَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ﴾ [المسد]، فماذا لو کان أبو لهب أسلم بعد نزول هذه الآیات؟؟ لکنّ علم الله القدیم سَبقَ أنّ أبا لهبٍ لن یقول شهادة التّوحید مع أنّه کان حرّاً فی أن یقولها أو لا یقولها. والله سبحانه وتعالى یحاسبک على عملک ولیس على علمه الکاشف، فأنت مسؤول عن عملک: ﴿وَأَن لَّیْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْیَهُ سَوْفَ یُرَىٰ (40) ثُمَّ یُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ﴾ [النّجم]. وقد یقول الإنسان: أنا مکتوب علیّ أن أکون فاسقاً أو کافراً.. فلماذا یُحاسبنی الله؟ هذا سؤال خاطئ؛ لأنّه لا یمکن أن نقارن الرّبّ بالعبد، والخالق بالمخلوق، وکان یمکن أن یکون هذا الکلام صحیحاً لو أنّ الّذی سیحاسبک هو نظیرک، تعالى الله عن ذلک علوّاً کبیراً. فالله عزَّوجل له صفات الکمال الّتی لا تدرکها: ﴿لَّا تُدْرِکُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ یُدْرِکُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِیفُ الْخَبِیرُ﴾ [الأنعام]، والله یُدرک بعلمه مستقبل الأشیاء، لکن الإنسان لا یُدرک الغیب، وقد قال له ربّه: هذا طریق الخیر، سِر فیه لأجزیک الجنّة، وهذا طریق الشرّ، إن سِرت فیه تذهب إلى نار جهنّم.



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست