تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱۵   

فی کلّ مجتمع وفی کلّ زمان، لذلک عالج القرآن الکریم هذه المفسدة الکبرى، وهذا المرض القلبیّ الخطیر الّذی یُظهر فیه الإنسان غیر ما یُبطن، وخطر النّفاق على أیّ مجتمع هو خطر هدّام من الدّاخل؛ ذلک لأنّ العدوّ الظّاهر أو العدوّ الخارجیّ مُظهر لعداوته، أمّا الّذی یُبطن العداوة ویُظهر الصّداقة والمحبّة فهو ذلک الإنسان المنافق.

الآیة رقم (16) - أُوْلَـئِکَ الَّذِینَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا کَانُواْ مُهْتَدِینَ


وقوله سبحانه وتعالى: ﴿أُوْلَئِکَ﴾ تعنی المنافقین الّذین یقولون: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْیَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِینَ﴾ ، وکلمة شراء فی التّجارة یُقابلها البیع، والباء تدخل على المتروک، وهو الهدى. فهؤلاء أخذوا الضّلالة وترکوا الهدى، وهی عملیّة تجاریّة خاسرة؛ لأنّهم دفعوا الهدى ثمناً للضّلالة.
وقد نتساءل هنا: أیّ هدىً کان عندهم فیدفعُونه مقابل الضّلالة؟ وقد قلنا: إنّ هناک هدایة الدّلالة الّتی یدلّ بها الأنبیاءُ النّاسَ إلى وجود الله ورسالاته والآخرة والحساب.
ومن اختار هدایة الدّلالة جاءته هدایة المعونة، أمّا الهدایة الّتی باعها المنافقون مقابل الضّلالة فهی بدایة الهدایة، أی هدایة الفطرة الإنسانیّة الّتی یُخلق علیها الإنسان: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِن بَنِی آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّکُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیَامَةِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِینَ﴾]الأعراف[، وکان هذا فی عالم الذّرّ حین أخذ



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست