تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۱۹   

ذهب الله بنورهم، وترکهم فی ظلمات لا یبصرون، وهذا تشبیه لا یخطر فی بال بشر، فالّذی یستوقد ناراً یفعل ذلک إمّا للحصول على النّور، أو من أجل الطّهی، أو من أجل الدّفء، فهو یطلب منفعة معیّنة، فمثله مثلُ المنافق الّذی یحاول أن یجد ما ینفعه.. ولـمّا جاءت الرّسالة والیهود الّذین کانوا یقولون: إنّ هناک نبیّاً اقترب زمانه، وإنّ الهدایة آتیة على ید نبیّ مبعوث من الله سبحانه وتعالى، فعندما جاءت الهدایة والأنوار بالرّسالة السّماویّة الخاتمة وهی الإسلام، ذهب الله بنورهم أی بضوئهم وترکهم فی ظلمات لا یبصرون؛ لأنّ أبصارهم لم تر النّور الّذی یأتی إلى الدّماغ عن طریق العین، فیعطی الدّماغ انعکاس الصّورة. وقد استخدم الله سبحانه وتعالى کلمة (نورهم)؛ لأنّ الّذی تُرى فیه الأشیاء هو النّور ولیس الضّوء، والضّوء قد یکون مؤذیاً، فهذه الکلمة الدّقیقة العلمیّة الصّحیحة فی القرآن الکریم الّذی سبق علم البشر. وَتَرَکَهُمْ فِی ظُلُمَاتٍ لا یُبْصِرُونَ﴾ لماذا فی ظلمات؟ لأنّه إذا لم یکن هناک نور تکون الظّلمة، وحین یکون هناک نور وینطفئ تکون الظّلمة أحلک، وتصبح ظلماتٍ. والنّفاق ظلماتٌ، ظلمة الکذب والحسد والرّیاء… وهذا مثل المنافقین الّذین حاولوا أن یستوقدوا ناراً، أی أن یطلبوا منفعة، فلمّا أضاءت الدّنیا بنور هذه النّار لم یهتدوا بها ولم ینتفعوا منها، فترکوا الخیر کلّه بسبب الصّغائر المحیطة من رعد وبرق، فهم کمن یرید الهدایة من غیر ابتلاء ولا امتحان، ویرید النّجاح من غیر تعب، والرّزق من غیر عمل، والعطاء من غیر إعطاء.



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست