تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۲۲   

أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِیهِ﴾ فهم لا یتّبعون إلّا المنافع، ولا یتّبعون الحقائق: ﴿لَوْ شَاء اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ وکان تعطّل حواسّهم معنویّاً، فالحاسّة تبقى، لکنّ فائدتها تذهب، أی تسمع ولا تتّعظ، ترى ولا تعتبر، فصاحبها کالأعمى الأصم، وحین یقول الله سبحانه وتعالى: ﴿صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ﴾ أی عن الحقائق والعظات والعبر. وإذا بدت لهم منفعة معیّنة تتبّعوها، ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم الحقیقیّة ولیست المعنویّة.
ففی الآیة السّابقة کان یقصد البصر والسّمع والنّطق المعنویّ، وفی هذه الآیة یقصد السّمع والأبصار الحسّیّة، فهناک عمىً معنویّ وعمى حسّـــیّ کما فی قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنکًا وَنَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِی أَعْمَىٰ وَقَدْ کُنتُ بَصِیرًا (125) قَالَ کَذَٰلِکَ أَتَتْکَ آیَاتُنَا فَنَسِیتَهَا ۖ وَکَذَٰلِکَ الْیَوْمَ تُنسَىٰ﴾ [طه]، وقال الله تبارک وتعالى: ﴿فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰکِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِی فِی الصُّدُورِ﴾ [الحجّ: من الآیة 46].
وهذه هی صفات المنافقین فی سورة (البقرة) الّتی تحدّثت أوّلاً عن صفات المؤمنین المتّقین، ثمّ عن صفات الکافرین، وأخیراً عن صفات المنافقین. وهذا الاختلاف فی مواقف النّاس هی طبیعة خلق الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى خلق النّاس على اختلافٍ ولم یجعل النّاس کلّهم فی طبیعةٍ واحدةٍ ومواقف واحدةٍ، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّکَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا یَزَالُونَ مُخْتَلِفِینَ (118) إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّکَ ۚ وَلِذَٰلِکَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: الآیة 118، ومن الآیة 119].



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست