تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱۲۷   

إنّ الکون أزلیّ، ثمّ ثبت بالعلم القاطع أنّ الکون لیس أزلیّاً، بل وُجِد فجأة قبل ثلاثة عشر ملیاراً من السّنین، حیث حدث انفجار کونیّ ضخم. فالکون بما فیه من الأرض والسّماء والشّمس والماء والهواء… لیس أزلیّاً بل وُجِد فی وقت ما،بل وُجِد فی وقت ما، ولا بدّ له من مُوجِد.. ولا یمکن أن یکون قد وُجِد صدفة. وقد مرّ القرآن الکریم على هذه الفکرة ببساطة فقال: ﴿أَوَلَمْ یَرَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ کَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ کُلَّ شَیْءٍ حَیٍّ ۖ أَفَلَا یُؤْمِنُونَ﴾ [الأنبیاء]، فذکر الله سبحانه وتعالى الماء فی حدیثه عن الانفجار الکونیّ الضّخم.. وکلّ المجرّات الکونیّة وُجدت ولم تکن أزلیّة.. وُجِدَت فی لحظة معیّنة وفی وقت معیّن منذ ملایین السّنین.. وحین خُلِقَ الإنسان کان جمیع هذا الکون مهیّأً لاستقباله. ولا یمکن أن یکون کلّ ذلک صدفةً، وأنت ترى هذه المجرّات وهذه الدّقّة المتناهیة والتّوازن فی المسافات.. فلو قَرُبت الشّمس من الأرض أکثر لاحترقت الأرض، ولو بعدت قلیلاً لتجمّدت.. وکلّ شیء بحساب، وکلّ شیء بمقدار. وعندما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان جعله متناسباً مع مکوّنات الأرض، وحین خلق الهواء جعل للإنسان رئتین یتنفّس بهما الهواء.. وحین خلق الضّوء جعل له عینین لانعکاس الصّورة ونقلها إلى الدّماغ لرؤیة الأشیاء وإدراکها. وحین أوجد ثمرات الأرض جعل للإنسان أسناناً فی فمه، وجعل له معدة تهضم الطّعام. وهذا کلّه یدلّ على أنّه تعالى أعدّ الکون لاستقبال الإنسان وجعل الإنسان فی أحسن تقویم، وجعله متناسباً مع ما أعدّ له على الأرض من هواء وماء



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست