تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٣٤   

مَکَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاکَ مِنَ الْمُحْسِنِینَ﴾ [یوسف]، ولو جاء بلغاء العالم کلّهم لما استطاعوا اختصار هذا الموقف فی ثلاث جمل، وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا اسْتَیْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِیًّا﴾ [یوسف: من الآیة 80]، أی یئسوا وتردّدوا وساورهم الیأس أکثر من مرّة، وحاولوا فاستیأسوا، وخلصوا منه، ولم یعرفوا کیف تخلّصوا، وکانوا یتناجون.. فصوَّر القرآن الکریم مشهداً کاملاً فی ثلاث جمل مقتضبة تعطی معانیَ متعدّدة وحرکة. فإنّک تشعر عندما تقرأ القرآن الکریم بأنّ هذا القرآن یتحرّک، وقد قال أحد المستشرقین: (أردت أن أقرأ القرآن فقرأنی القرآن)، فالقرآن متحرّک، وقد کان النّبیّ صلَّى الله علیه وسلَّم قرآناً یمشی على الأرض، أی أنّ القرآن یدخل إلى کلّ ملکات النّفس البشریّة من جرّاء هذا الأسلوب العظیم البلاغیّ المبدع المعجز، ونجد مثالاً آخر فی قوله سبحانه وتعالى: ﴿قَالَتْ نَمْلَةٌ یَا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاکِنَکُمْ لَا یَحْطِمَنَّکُمْ سُلَیْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا یَشْعُرُونَ﴾ [النّمل: من الآیة 18]، فهذه النّملة الصّغیرة خاطبت وأمرت ونهت وعمّمت واعتذرت فی جملة واحدة. فإعجاز القرآن الکریم واضح فی کلّ سورة. ونجد فی قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّیْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ کَرِیمٍ (19) ذِی قُوَّةٍ عِندَ ذِی الْعَرْشِ مَکِینٍ (20) مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ (21) وَمَا صَاحِبُکُم بِمَجْنُونٍ﴾ [التّکویر]، فمن یستطیع الإتیان بمثل هذه الجمل؟! وعندما یُرید الله سبحانه وتعالى أن یتحدّث عن حجم جهنّم واتّساعها یقول: ﴿یَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِیدٍ﴾ [ق]، فهل یخطر على بال إنسان عندما یرید أن یعبّر عن الاتّساع أن یأتی بمثل هذه الآیة؟!!



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست