تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٤٤   

الله به أن یوصل من صلة الرّحم، وهی قضیّة هامّة جدّاً، تتعلّق بالتّکافل الاجتماعیّ وبناء المجتمعات. وکلّ الأوامر والتّکالیف الّتی وردت فی کتاب الله سبحانه وتعالى هی توجیه من خالق البشر لمصلحة البشر فی حیاتهم الدّنیا ومعادهم. وأوّل صلة الأرحام هی حسن العلاقة مع الوالدین والبرّ بهما، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّکَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِیَّاهُ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: من الآیة 23]، فصلة الأرحام تشکّل الحاضن للتّکافل الاجتماعیّ، عندها تکون الأسرة متینة ومتماسکة، وتکون هناک علاقات صلة رحم بین الآباء والأمّهات والأخوة، وتکون الأسرة الواحدة کالجسد الواحد… إذا اشتکى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى… وقد أوصى الإسلام بالجار، فقال صلَّى الله علیه وسلَّم: «ما زال جبریل یوصینی بالجار حتّى ظننت أنّه سیورّثه»([1])، وقال صلَّى الله علیه وسلَّم: «ما آمن بی من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو یعلم به»([2]). هذه الأسس الّتی جاء بها الإسلام لبناء المجتمع الّذی یؤدّی إلى التّقدّم والحضارة الإنسانیّة، وهی حضارة القیم البنّاءة الّتی تعود بالخیر على الإنسان، ولیست حضارة العلم المدمّر الّتی نشهدها فی الحضارة الأوربیّة والأمریکیّة. ونحن حین نبنی مجتمعاتنا ونشید حضارتنا لا نستثنی العلم، ولا نترکه لغیرنا؛ لأنّ دیننا هو دین العلم، لکنّنا لا نَدوس القیم من أجل العلم.


(([1] صحیح البخاریّ: کتاب الأدب، باب الوصاءة بالجار، الحدیث رقم (5669).
([2]) المعجم الکبیر للطّبرانیّ: باب الألف، أنس بن مالک الأنصاریّ، الحدیث رقم (751).


«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست