تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٦٣   

نتیجة المعصیة أن قال لهما الله سبحانه وتعالى: ﴿اهْبِطُوا﴾. وهذا هو سبب الهبوط المباشر، وهو المعصیة، وفی جنّة التّجربة یربط الأمور بأسبابها المرئیّة للنّاس، أمّا علم الله سبحانه وتعالى فهو قدیم کاشف، وکان یعلم أنّ الشّیطان سیفعل کذا وکذا، وأنّ آدم علیه السَّلام سیعصی بضعفه. فهل عصى آدم ربّه بإرادة الله، أم خارجاً عن إرادة الله؟ والجواب: عصى بإرادة الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن یجعله مختاراً، ویحاسبه على اختیاره، ولا یحاسبه على إرادة الله، وقد قال تبارک وتعالى: ﴿وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ﴾ ]البلد[، وقال جلَّ جلاله: ﴿إِنَّا هَدَیْنَاهُ السَّبِیلَ إِمَّا شَاکِرًا وَإِمَّا کَفُورًا﴾ ]الإنسان[.
﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّیْطَانُ﴾: الزلّة: تعنی العثرة والکبوة، فقال لهما فیما یرویه تبارک وتعالى: ﴿مَا نَهَاکُمَا رَبُّکُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَکُونَا مَلَکَیْنِ أَوْ تَکُونَا مِنَ الْخَالِدِینَ﴾ ]الأعراف: من الآیة 20[، قال لهما إبلیس: إذا أکلتم من هذه الشّجرة فستصلون إلى ملک لا یبلى، وإلى الخلود.
وهذه هی أمنیة الإنسان فی الحیاة دائماً أن یخلد فیها ولا یتحوّل عنها، فهو یرید ملکاً لا یفنى من المال وغیره، ویرید الخلود. ولو بحثتم فی کلّ أهل الأرض فستجدونهم یریدون الملک والخلود فی هذه الحیاة. وکلّ إنسان یعمل وکأنّه سیخلد فی الدّنیا، ویعمل للخلود، وهذه هی النّقطة الّتی دخل منها إبلیس على آدم، فدخل علیه من قوانین: ملکٍ لا یبلى، وخلودٍ لا یفنى.. وعلى هذا فُطر ابن آدم، قال تبارک وتعالى: ﴿کَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ ]القیامة[.



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست