تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٦۷   

بالسّلام مع ربّه، والسّلام مع النّاس. والمؤمن الحقیقیّ لیس قاتلاً ولا مجرماً، ولا یکفّر النّاس، ولا یحقد علیهم، لیس طائفیّاً، ولا مُبغضاً، ولا حاقداً، ولا حسوداً.
وقد شرع الله سبحانه وتعالى باب التّوبة للکفّ عن الخطأ والعودة إلى الرّشد والصّواب، ولیست هناک دعوة إصلاح کتشریع التّوبة، ولذلک قال سبحانه وتعالى: ﴿فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ کَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَیْهِ﴾. والکلمات الّتی تلقّاها هی: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِینَ﴾ ]الأعراف: من الآیة 23[، فعلّمه تعالى تشریع التّوبة والاعتراف بالذّنب، وأنزله إلى الأرض ومعه المنهج الّذی یُبیّن الحلال والحرام، ومعه تشریع التّوبة لمن یُخطئ، فالتّوبة دعوة للکفّ عن الخطأ، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ﴾، والتّوّاب: صیغة مبالغة، فالله سبحانه وتعالى یتوب عن کثیر من الذّنوب، ویقبل التّوبة من عدد کبیر من النّاس، بل یقبل توبتهم کلّهم، ویقبل التّوبة المتکرّرة من العبد الواحد مع تکرار الخطأ. وممّا روته السیّدة عائشة رضی الله عنها قالت: جاء حبیب بن الحارث إلى رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم فقال: یا رسول الله، إنّی رجل مِقرافٌ، قال: «فتُب إلى الله یا حبیب»، قال: یا رسول الله، إنّی أتوب ثمّ أعود، قال: «فکلّما أذنبت فتب»، قال: یا رسول الله، إذنْ تکثرْ ذنوبی، قال: «عفو الله أکبر من ذنوبک یا حبیب بن الحارث»([1])، فلا أحد یضع نفسه جلّاداً أو


(([1] مجمع الزّوائد ومنبع الفوائد: ج 10، الحدیث رقم (17531)، ومِقراف: صیغة مبالغة من قارف: یُقال: قارف الخطیئة: أی خالطها.



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست