تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۱٦۹   

إعادة الحقوق إلى أصحابها قبل التّوبة، أی أنّ السّارق لا تکفی توبته دون أن یردّ المسروقات الّتی فی حوزته إلى أصحابها، والله عزَّوجل لا یُخدَع. إذاً لا بدّ من إعادة الحقوق، مع الاستغفار والتّوبة، وعقد العزم على عدم العودة إلى الإثم، وعندها تکون التّوبة نصوحاً. ویقول سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِی یَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ﴾ ]الشّورى: من الآیة 25[، ولم یقل: (یقبل التّوبة من عباده)، فالله یقبل التّوبة عن عباده الّذین لم یأتوا لیتوبوا، وکأنّه یدعوهم للکفّ عن الخطأ، ویشجّعهم على التّوبة وعدم العودة إلى ذنوبهم، فهو سبحانه وتعالى یقبل التّوبة منک وعنک، ومن لم یتب فإنّه یدعوه إلى التّوبة، کما جاء فی الحدیث عن النّعمان بن بشیر قال: سمعت رسول الله صلَّى الله علیه وسلَّم یقول: «الحلال بیّنٌ والحرام بیّنٌ، وبینهما مُشبَّهاتٌ لا یعلمها کثیرٌ من النّاس، فمن اتّقى المشبَّهات استبرأ لدینه وعِرضه، ومن وقع فی الشُّبُهات: کراعٍ یرعى حول الحِمى، أوشک أن یُواقِعَه، ألا وإنّ لکلّ مَلِکٍ حِمىً، ألا إنّ حِمى الله فی أرضه محارِمُه..»([1])، فعندما یقول الله سبحانه وتعالى: لا تقربوا هذه الشّجرة، لا تقربوا الزّنا.. الخمر.. فهو یمنعک من الاقتراب حتّى لا یکون هذا الشّیء قریباً منک، وتقع فی الحِمى.. وقد قال سبحانه وتعالى فی تحریم الخمر: ﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّیْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ]المائدة[، فهو لم یحرّمه فقط، بل حرّم الاقتراب منه، وحرّم الجلوس فی مکان تُدار فیه الخمر، وهذا أشدّ تحریماً.


(([1] صحیح البخاریّ: کتاب الإیمان، باب فضل من استبرأ لدینه، الحدیث رقم (52).



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست