تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست
«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
اسم الکتاب: التفسیر الجامع - المجلد ۱    المؤلف: الشیخ الدکتور محمد عبد الستار سید    الجزء: ۱    الصفحة: ۹٤   

الآیة رقم (3) - الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ


وأوّل صفة للمتّقین هی الإیمان بالغیب، والغیب هو ما لا تدرکه حواسّک، والحواسّ هی: (البصر والسّمع والشّم واللّمس والذّوق)، والغیب هو ما غاب عنک، ووجود الشّیء یختلف عن إدراک الشّیء، ولیس کلّ ما لا تدرکه حواسّک غیر موجود، فالجراثیم مثلاً لا تدرکها الحواسّ، وکان الإنسان فی وقت نزول القرآن یمرض وترتفع حرارته ویُعالج دون معرفة الجراثیم، ولا سبب المرض، مثل جرثومة الملاریا أو التّیفوئید.. لکنّها کانت موجودة، فعدم معرفتها لا ینفی وجودها.
وأوّل عناصر الإیمان هی الإیمان بالغیب، والغیب له ثلاثة أنواع:
1- ما غاب عنک وله مقدّمات للوصول إلیه، وهذا لیس غیباً، مثل الأرصاد الجویّة الّتی تخبرنا عن حالة الجوّ.
2- ما غاب عنک وعُرف للآخرین، وهذا لا یُسمّى غیباً.
3- الغیب المطلق الّذی لیس له مقدّمات، ولم یُعرَف للآخرین.
وهناک من ینکر وجود الجنّ مثلاً؛ لأنّه لا یراهم، فلماذا لا ینکر وجود الجراثیم إذن؟ والجنّ لا تعلم الغیب، وإن عَلِمَتْ بأمرٍ موجودٍ فی مکانٍ ما على الأرض، ولیس معنى ذلک علمها بالغیب، وقد قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ کَانُوا یَعْلَمُونَ الْغَیْبَ مَا لَبِثُوا فِی الْعَذَابِ الْمُهِینِ﴾ [سبأ: من الآیة 14]، فالجنّ لا یعلمون الغیب، والملائکة لا تعلم الغیب، بدلیل قوله تبارک وتعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَکَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّکَ أَنتَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ﴾ [البقرة]،



«« الصفحة الأولی    « الصفحة السابقة    الجزء:    الصفحة التالیة »    الصفحة الأخیرة»»
 تحمیل PDF هویة الکتاب الفهرست